للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٣٦٢٣ - عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ النَّخَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ عَلَى أَحَدٍ حَدًّا فَيَمُوتَ فَأَجِدَ فِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ ; فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٣٦٢٣ - (عَنْ عُمَيْرِ) بِالتَّصْغِيرِ (ابْنِ سَعِيدٍ) بِالْيَاءِ (النَّخَعِيِّ) بِفَتْحَتَيْنِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: مَا كُنْتُ لِأُقِيمَ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَنَصْبِ الْمِيمِ وَتُسَمَّى لَامَ الْجُحُودِ (عَلَى أَحَدٍ حَدًّا) قَالَ الطِّيبِيُّ: دَخَلَ اللَّامُ فِي خَبَرِ كَانَ تَأْكِيدًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكَمْ} [البقرة: ١٤٣] وَقَوْلُهُ (فَيَمُوتَ) مُسَبَّبٌ مِنْ أُقِيمَ وَقَوْلُهُ (فَأَجِدَ) مُسَبَّبٌ عَنْ مَجْمُوعِ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ اه وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا بِتَقْدِيرِ هُوَ فِي الْأَوَّلِ وَأَنَا فِي الثَّانِي بَعْدَ فَإِنَّهُمَا وَالْمَعْنَى فَأُصَادِفَ (فِي نَفْسِي فِيهِ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْحَدِّ أَوِ الْمَحْدُودِ (شَيْئًا) أَيْ مِمَّا يُرِيبُنِي وَيُزْعِجُنِي (إِلَّا صَاحِبَ الْخَمْرِ فَإِنَّهُ لَوْ مَاتَ) أَيْ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِمَّا سَبَقَ (وَدَيْتُهُ) أَيْ غَرِمْتُ دِيَتَهُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ أَجِدُ مِنْ حَدِّ صَاحِبٍ إِذَا مَاتَ شَيْئًا وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ مَا أَجِدُ مِنْ مَوْتِ أَحَدٍ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ شَيْئًا إِلَّا مِنْ مَوْتِ صَاحِبِ الْخَمْرِ فَيَكُونَ مُتَّصِلًا (وَذَلِكَ) أَيْ مَجْمُوعُ مَا ذُكِرَ أَوِ الْوِجْدَانُ أَوِ الِاسْتِثْنَاءُ (أَنَّ) أَيْ بِأَنَّ أَوْ ; لِأَنَّ (رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسُنَّهُ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ فَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ مَفْتُوحَةٍ لَا غَيْرُ أَيْ لَمْ يُقَدِّرْ فِيهِ حَدًّا مَضْبُوطًا مُعَيَّنًا وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ فَجَلَدَهُ الْإِمَامُ أَوْ جَلَّادُهُ الْحَدَّ الشَّرْعِيَّ فَمَاتَ فَلَا دِيَةَ فِيهِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى جَلَّادِهِ وَلَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَأَمَّا مَنْ مَاتَ بِالتَّعْزِيرِ فَمَذْهَبُنَا وُجُوبُ ضَمَانِهِ بِالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَمَنْ حَدَّهُ الْإِمَامُ أَوْ عَزَّرَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُضَمَّنُ ثُمَّ فِي قَوْلٍ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ; لِأَنَّ نَفْعَ عَمَلِهِ يَرْجِعُ إِلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ الْغُرْمُ الَّذِي يَلْحَقُهُ بِسَبَبِ عَمَلِهِ لَهُمْ، عَلَيْهِمْ وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ ; لِأَنَّ أَصْلَ التَّعْزِيرِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَبَ فَالضَّرْبُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فِي التَّعْزِيرِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ مُبَاحًا، فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَلَمْ يُسَلَّمْ فَتَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهَذَا يَخُصُّ التَّعْزِيرَ وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ الْإِمَامَ مَأْمُورٌ بِالْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ عِنْدَ ظُهُورِ الِانْزِجَارِ لَهُ فِي التَّعْزِيرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِعْلُ الْمَأْمُورِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَمَا فِي الْفَسَادِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْفِعْلِ وَإِلَّا عُوقِبَ وَالسَّلَامَةُ خَارِجَةٌ عَنْ وُسْعِهِ إِذِ الَّذِي فِي وُسْعِهِ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ بِسَبَبِهَا الْقَرِيبُ وَهُوَ مَا بَيْنَ أَنْ يُبَالِغَ فِي التَّخْفِيفِ فَلَا يَسْقُطُ الْوُجُوبُ عَنْهُ بِهِ أَوْ بِفِعْلِ مَا يَقَعُ عَنْهُ زَاجِرًا وَهُوَ مَا هُوَ مُؤْلِمٌ زَاجِرٌ وَقَدْ يَتَّفِقُ أَنْ يَمُوتَ الْإِنْسَانُ بِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْأَمْرُ بِالضَّرْبِ الْمُؤْلِمِ الزَّاجِرِ مَعَ اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُبَاحَاتِ فَإِنَّهَا رَفْعُ الْجُنَاحِ فِي الْفِعْلِ وَإِطْلَاقُهُ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُلْزَمٍ بِهِ فَصَحَّ تَقْيِيدُهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ وَالِاصْطِيَادِ وَلِهَذَا يَضْمَنُ إِذَا عَزَّرَ امْرَأَتَهُ فَمَاتَتْ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَمَنْفَعَتُهُ تَرْجِعُ إِلَيْهِ كَمَا تَرْجِعُ إِلَى الْمَرْأَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ اسْتِقَامَتُهَا عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ لَا يَضْرِبُ امْرَأَتَهُ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَيَضْرِبُ ابْنَهُ وَكَذَا الْمُعَلِّمُ إِذَا أَدَّبَ الصَّبِيَّ فَمَاتَ لَا يُضَمَّنُ عِنْدَنَا وَالشَّافِعِيِّ أَمَّا لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَمَاتَتْ لَا يُضَمَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ مَعَ أَنَّهُ مُبَاحٌ فَيَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>