للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٢٧ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ أَلَا وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٣٧٢٧ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ عِنْدَ اسْتِهِ» ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ، وَسُكُونِ سِينٍ ; أَيْ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَالِاسْتُ الدُّبُرُ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وَإِنَّمَا يُنْصَبُ لِلْغَادِرِ تَشْهِيرًا لَهُ بِالْغَدْرِ وَتَفْضِيحًا عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ وَإِنَّمَا قَالَ: عِنْدَ اسْتِهِ اسْتِخْفَافًا بِذِكْرِهِ وَاسْتِهَانَةً بِأَمْرِهِ، أَوْ لِأَنَّ عَلَمَ الْعِزَّةِ يُنْتَصَبُ تِلْقَاءَ الْوَجْهِ، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَمُ الْمَذَلَّةِ فِيمَا هُوَ كَالْمُقَابِلِ لَهُ. وَفَى شَرْحِ مُسْلِمٍ: اللِّوَاءُ الرَّايَةُ الْعَظِيمَةُ الَّذِي لَا يُمْسِكُهَا إِلَّا صَاحِبُ جَيْشِ الْحَرْبِ، أَوْ صَاحِبُ دَعْوَةِ الْجَيْشِ وَيَكُونُ النَّاسُ تَبَعًا لَهُ، وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: الرَّايَةُ بِمَعْنَى اللِّوَاءِ، وَهُوَ الْعَلَمُ الَّذِي يُحْمَلُ فِي الْحَرْبِ، يُعْرَفُ بِهِ صَاحِبُ الْجَيْشِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ، وَقَدْ يَدْفَعُهُ إِلَى مُقَدِّمِ الْعَسْكَرِ، وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ بِتَرَادُفِهِمَا (وَفِي رِوَايَةٍ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ غَدْرِهِ» ) ; أَيْ طُولًا وَعَرْضًا فِي مُقَابَلَةِ غَدْرِهِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (وَلَا غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْرًا مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ) ; أَيْ مِنْ غَدْرِ أَمِيرِ عَامَّةٍ وَهُوَ مَنْ يَسْتَوْلِي عَلَى الْأُمُورِ بِتَقْدِيمِ الْعَوَامِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا مَشُورَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَعَظَّمَ قَدْرَهُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ الْمَشْرُوعِ، إِذِ الْوِلَايَةُ بِرَأْيِ الْخَوَاصِّ، وَهُوَ قَدْ تَوَلَّى مَا لَا يَسْتَعِدُّهُ، وَمَنَعَهُ عَمَّنْ يَسْتَحِقُّهُ، فَنَقَضَ بِهَذَا عَهْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَعُهُودَ الْمُسْلِمِينَ ; أَيْضًا ; بِالْخُرُوجِ عَلَى إِمَامِهِمْ، وَالتَّغَلُّبِ عَلَى نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ بَيَانُ غَلِيظِ تَحْرِيمِ الْغَدْرِ لَا سِيَّمَا صَاحِبُ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ ; لِأَنَّ غَدْرَهُ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إِلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَارِدٌ فِي ذَمِّ الْغَادِرِ، وَغَدْرِهِ لِلْأَمَانَةِ الَّتِي قُلِّدَهَا لِرَعِيَّتِهِ، وَالْتِزَامِ الْقِيَامِ بِهَا وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، فَمَتَى خَانَهُمْ، أَوْ تَرَكَ الشَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ وَالرِّفْقَ بِهِمْ فَقَدْ غَدَرَ بِعَهْدِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَهْيُ الرَّعِيَّةِ عَنِ الْغَدْرِ بِالْإِمَامِ ; فَلَا يُشَقُّ عَلَيْهِمُ الْعَصَا، فَلَا يُتَعَرَّضُ لِمَا يُخَافُ حُصُولُ فِتْنَةٍ بِسَبَبِهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>