للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

٣٧٣٣ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مِنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

٣٧٣٣ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ جُعِلَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ; أَيْ مَنْ جَعَلَهُ السُّلْطَانُ ( «قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ» ) قَالَ الطِّيبِيُّ: يَحْتَمِلُ وُجُوهًا ; الْأَوَّلَ: قَالَ الْقَاضِي: يُرِيدُ بِهِ الْقَتْلَ بِغَيْرِهِ كَالْخَنْقِ وَالتَّغْرِيقِ، وَالْإِحْرَاقِ، وَالْحَبْسِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَإِنَّهُ أَصْعَبُ وَأَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ بِالسِّكِّينِ ; لِمَا فِيهِ مِنْ مَزِيدِ التَّعْذِيبِ وَامْتِدَادِ مُدَّتِهِ، الثَّانِيَ: أَنَّ الذَّبْحَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُرْفِ بِالسِّكِّينِ ; فَعَدَلَ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي أَرَادَ بِهِ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ هَلَاكِ دِينِهِ دُونَ هَلَاكِ بَدَنِهِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْجَامِعِ: قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَشَتَّانَ بَيْنِ الذَّبْحَيْنِ فَإِنَّ الذِّبْحَ بِالسِّكِّينِ عَنَاءُ سَاعَةٍ، وَالْآخَرَ عَنَاءُ عُمْرٍ بَلْهَ مَا يَعْقُبُهُ مِنَ النَّدَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; الثَّالِثَ: قَالَ الْأَشْرَفُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَمُوتَ جَمِيعُ دَوَاعِيهِ الْخَبِيثَةِ وَشَهَوَاتِهِ الرَّدِيئَةِ، فَهُوَ مَذْبُوحٌ بِغَيْرِ سِكِّينٍ، قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَعَلَى هَذَا الْقَضَاءُ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَمَحْثُوثٌ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ: تَحْذِيرٌ عَلَى الْحِرْصِ عَلَيْهِ ; وَتَنْبِيهٌ عَلَى التَّوَقِّي مِنْهُ ; لِمَا تَضَمَّنَ مِنَ الْأَخْطَارِ الْمُرْدِيَةِ، قَالَ الْمُظْهِرُ: خَطَرُ الْقُضَاةِ كَثِيرٌ وَضَرَرُهُ عَظِيمٌ ; لِأَنَّهُ قَلَّمَا عَدَلَ الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ ; لِأَنَّ النَّفْسَ مَائِلَةٌ إِلَى مَنْ يُحِبُّهُ، أَوْ يَخْدِمُهُ، أَوْ مَنْ لَهُ مَنْصِبٌ يُتَوَقَّى جَاهُهُ، أَوْ يُخَافُ سَلْطَنَتُهُ، وَرُبَّمَا يَمِيلُ إِلَى قَبُولِ الرِّشْوَةِ وَهُوَ الدَّاءُ الْعُضَالُ (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ) وَكَذَا الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>