للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّرْطِ (فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِبَ مِنْهُ) : أَيْ يَرْجِعَ مِنْ فِعْلِهِ (كَفَافًا) : بِفَتْحِ الْكَافِ ; أَيْ خَلَاصًا وَهُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ يُقَالُ: فُلَانٌ تَحَرَّى بِكَذَا وَحَرَّ بِكَذَا، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَكُونَ كَذَا ; أَيْ جَدِيرٌ وَخَلِيقٌ، فَحَرِيٌّ إِنْ كَانَ اسْمَ فَاعِلٍ يَكُونُ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ نَحْوَ: بِحَسْبِكَ دِرْهَمٌ ; أَيِ الْخَلِيقُ، وَالْجَدِيرُ كَوْنُهُ مُنْقَلِبًا مِنْهُ كَفَافًا، وَإِنْ جَعَلْتَهُ مَصْدَرًا فَهُوَ خَبَرٌ، وَالْمُبْتَدَأُ أَمَّا بَعْدَهُ، وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ ; أَيْ: كَوْنُهُ مُنْقَلِبًا ثَابِتٌ بِالْاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَا حَقَّقَهُ الطِّيبِيُّ، وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ يَنْفَلِتَ بِالْفَاءِ وَالْفَوْقِيَّةِ ; أَيْ: يَتَخَلَّصُ مِنْهُ كَفَافًا ; أَيْ رَأْسًا بِرَأْسٍ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، يَعْنِي لَا يُثَابُ وَلَا يُعَاقَبُ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: وَدِدْتُ أَنِّي سَلِمْتُ مِنَ الْخِلَافَةِ كَفَافًا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي، وَالْكَفَافُ هُوَ الَّذِي لَا يَفْضُلُ عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ مَكْفُوفًا عَنْ شَرِّهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهَا أَنْ لَا يُنَالَ مِنِّي وَلَا أَنَالَ مِنْهُ ; أَيْ: يَكُفُّ عَنِّي وَأَكُفُّ عَنْهُ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ يَكُفُّ هُوَ عَنِ الْقَضَاءِ وَيَكُفُّ الْقَضَاءُ عَنْهُ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى الْآخَرَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الْكَافِ مَصْدَرٌ كَافَهُ كَفَافًا وَمُكَافَفَةً. قَالَ الطِّيبِيُّ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْقَضَاءَ وَاجْتَهَدَ فِي تَحَرِّي الْحَقَّ وَاسْتَفْرَغَ جَهْدَهُ فِيهِ حَقِيقٌ أَنْ لَا يُثَابَ وَلَا يُعَاقَبَ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَوَلِّيهِ، وَفَى مَعْنَاهُ أُنْشِدَ:

عَلَى أَنَّنِي رَاضٍ بِأَنْ أَحْمِلَ الْهَوَى ... وَأَخْلُصَ مِنْهُ لَا عَلَيَّ وَلَا لِيَا

(فَمَا رَاجَعَهُ) : أَيْ: فَمَا رَدَّ عُثْمَانُ الْكَلَامَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، وَلَا رَجَعَ إِلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ (بَعْدَ ذَلِكَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>