يَكْرُمُ عَلَيْكَ فَهُوَ كَرِيمُكَ وَكَرِيمَتُكَ، وَالْمَعْنَى أَعْمَيْتُهُ فَالْأَكْمَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (أَثَبْتُهُ) : أَيْ: جَازَيْتُهُ. قَالَ تَعَالَى: {فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ} [المائدة: ٨٥] وَفِي الْقَامُوسِ: أَثَابَهُ اللَّهُ مَثُوبَةً أَعْطَاهُ، وَفِي نُسْخَةٍ: أَثَبْتُهُ مِنَ الْإِثْبَاتِ (عَلَيْهِمَا) : أَيْ عَلَى الْكَرِيمَتَيْنِ يَعْنِي: عَلَى فَقْدِهِمَا وَالصَّبْرِ عَلَيْهِمَا (الْجَنَّةَ) : مَفْعُولٌ ثَانٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأَثَبْتُهُ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى أَعْطَيْتُ، وَكِلَاهُمَا تَكَلُّفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ (وَفَضْلٌ) : أَيْ: زِيَادَةٌ (فِي عِلْمٍ خَيْرٌ مِنْ فَضْلٍ فِي عِبَادَةٍ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: يُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ: التَّنْكِيرُ فِيهِ يَعْنِي فِي فَضْلِ الْأَوَّلِ لِلتَّقْلِيلِ، وَفِي الثَّانِي لِلتَّكْثِيرِ (وَمِلَاكُ الدِّينِ) : أَيْ: أَصْلُهُ وَصَلَاحُهُ (الْوَرَعُ) : كَمَا أَنَّ فَسَادَ الدِّينِ الطَّمَعُ، وَالْمُرَادُ بِالْوَرَعِ التَّقْوَى عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالشُّبُهَاتِ، وَالطَّمَعُ يُؤَدِّي إِلَى السُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ فِي الْعِبَادَاتِ. فِي النِّهَايَةِ: الْمِلَاكُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ قِوَامُ الشَّيْءِ وَنِظَامُهُ، وَمَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمِنْهُ مِلَاكُ الدِّينِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمِلَاكُ بِالْكَسْرِ مَا بِهِ إِحْكَامُ الشَّيْءِ وَتَقْوِيَتُهُ وَإِكْمَالُهُ، وَالْوَرَعُ فِي الْأَصْلِ الْكَفُّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالتَّحَرُّجُ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلْكَفِّ عَنِ الْمُبَاحِ وَالْحَلَالِ. قُلْتُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ الْمُبَاحُ وَالْحَلَالُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الشُّبْهَةِ وَإِلَّا فَتَرْكُهَا زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ لَا يُسَمَّى وَرَعًا بَلْ يُسَمَّى زُهْدًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute