للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَيَتَنَاوَلُ سَبِيلَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَحُضُورِ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَشُهُودِ جِنَازَةٍ وَنَحْوِهَا، وَلَكِنَّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى سَبِيلِ الْجِهَادِ، وَقِيلَ: يُحْمَلُ عَلَى سَبِيلِ الْحَجِّ لِخَبَرِ: إِنَّ رَجُلًا جَعَلَ بَعِيرًا لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ الْحَاجَّ، وَمِنْ هُنَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي مَصْرُوفِ الزَّكَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٦٠] هَلْ هُوَ مُنْقَطِعُ الْغُزَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، أَوْ مُنْقَطِعُ الْحَاجِّ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. (فَتَمَسَّهُ النَّارُ) : بِنَصْبِ تَمَسَّهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ السُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُ ; أَيْ: إِنَّ الْمَسَّ مُنْتَفٍ بِوُجُودِ الْغُبَارِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ عَدَمِ الِاغْبِرَارِ ; أَيْ عَدَمِ الْجِهَادِ فِيمَا إِذَا كَانَ فَرْضُ عَيْنٍ سَبَبٌ لِلْمَسِّ ; لِأَنَّ سَبَبِيَّةَ الْكُلِّ تَسْتَلْزِمُ سَبَبِيَّةَ الْجُزْءِ، وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ ; أَيْ لَيْسَ فِي شَأْنِ الْمُجَاهِدِ سَبَبٌ لِلْمَسِّ إِلَّا أَنْ يُفْرَضَ أَنَّ جِهَادَهُ سَبَبٌ لَهُ، وَهُوَ لَيْسَ بِسَبَبٍ لَهُ، فَالِاغْبِرَارُ لَيْسَ سَبَبًا لَهُ. قَالَ الْبَرْمَاوِيُّ: أَيْ أَنَّ الِاغْبِرَارَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهِ الْمَسُّ مُنْتَفٍ بِانْتِفَاءِ الْمَسِّ فَقَطْ. قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: فَتَمَسَّهُ النَّارُ مُسَبَّبٌ عَنْ قَوْلِهِ: اغْبَرَّتْ، وَالنَّفْيُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْقَبِيلَيْنِ مَعًا، وَفَائِدَتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمَذْكُورِ مُحَالٌ حُصُولُهُ، فَإِذَا كَانَ مَسُّ الْغُبَارِ قَدَمَيْهِ دَافِعًا لِمَسِّ النَّارِ إِيَّاهُ، فَكَيْفَ إِذَا سَعَى فِيهَا وَاسْتَفْرَغَ جُهْدَهُ، وَأَلْقَى النَّفْسَ النَّفِيسَ عَلَيْهَا بِشَرَاشِرِهِ فَقَتَلَ وَقُتِلَ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) . وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>