٢٥٨ - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا حَدُّ الْعِلْمِ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ الرَّجُلُ كَانَ فَقِيهًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا فِي أَمْرِ دِينِهَا، بَعَثَهُ اللَّهُ فَقِيهًا، وَكُنْتُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعًا وَشَهِيدًا»
ــ
٢٥٨ - (وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ (مَا حَدُّ الْعِلْمِ) . قَالَ الرَّاغِبُ: هُوَ وَصْفُ الشَّيْءِ الْمُحِيطِ بِمَعْنَاهُ الْمُتَمَيِّزِ عَنْ غَيْرِهِ، نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ. أَقُولُ: هَذَا اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ، وَالْأَظْهَرُ الْمُرَادُ بِالْحَدِّ: الْمِقْدَارُ؛ وَلِذَا قَالَ: الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ الرَّجُلُ كَانَ فَقِيهًا؟) يَعْنِي عَالِمًا فِي الْآخِرَةِ وَمَبْعُوثًا فِي زُمْرَةِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِهَا (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي) : أَيْ: شَفَقَةً عَلَيْهِمْ أَوْ لِأَجْلِ انْتِفَاعِهِمْ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: ضُمِّنَ حَفِظَ مَعْنَى رَقَبَ، وَعُدِّيَ بِعَلَى، احْفَظْ عَلَيَّ عِنَانَ فَرَسِي وَلَا تَغْفُلْ عَنِّي، وَفِي الْمُغْرِبِ: الْحِفْظُ: خِلَافُ النِّسْيَانِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ فِي حَفِظَ يَعْنِي: مَنْ جَمَعَ أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةً مُرَاقِبًا إِيَّاهَا بِحَيْثُ تَبْقَى مَسْأَلَةً عَلَى أُمَّتِي اهـ. وَفِيهِ تَكَلُّفَاتٌ وَالْوَجْهُ مَا قَدَّمْتُهُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْتُهُ فِي تَقْرِيرِهِ اهـ. وَلَيْسَ فِي تَقْرِيرِهِ، وَلَا تَحْرِيرِهِ ذِكْرُ وَجْهٍ حَتَّى يُنْظَرَ فِي وَجْهِهِ (أَرْبَعِينَ حَدِيثًا) : وَفِي مَعْنَاهُ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً (" فِي أَمْرِ دِينِهَا) : احْتِرَازٌ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْإِخْبَارِيَّةِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالدِّينِ اعْتِقَادًا أَوْ عِلْمًا أَوْ عَمَلًا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ أَنْوَاعٍ، وَلَا وَجْهَ لِمَنْ قَيَّدَهَا بِكَوْنِهَا مُتَفَرِّقَةً (بَعَثَهُ اللَّهُ فَقِيهًا) : مِنْ جُمْلَةِ الْفُقَهَاءِ (وَكُنْتُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعًا) : بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّفَاعَاتِ الْخَاصَّةِ (وَشَهِيدًا) : أَيْ: حَاضِرًا لِأَحْوَالِهِ، وَمُزَكِّيًا لِأَعْمَالِهِ، وَمُثْنِيًا عَلَى أَقْوَالِهِ، وَمُخَلِّصًا لَهُ مِنْ أَهْوَالِهِ. قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْحِفْظِ هُنَا نَقْلُ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْهَا وَلَا عَرِفَ مَعْنَاهَا، هَذَا حَقِيقَةُ مَعْنَاهُ، وَبِهِ يَحْصُلُ انْتِفَاعُ الْمُسْلِمِينَ، لَا يَحْفَظُهَا مَا لَمْ يَنْقُلْ إِلَيْهِمْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَأَقُولُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا عَرِفَ مَعْنَاهَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ الْمَقَامَ الَّذِي هُوَ حَدُّ الْعِلْمِ إِذِ الْفِقْهُ هُوَ الْعِلْمُ بِالشَّيْءِ وَالْفَهْمُ لَهُ وَغَلَبَ عَلَى عِلْمِ الدِّينِ لِشَرَفِهِ وَإِلَّا فَالْحَامِلُ غَيْرُ فَقِيهٍ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الطِّيبِيُّ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ طَابَقَ الْجَوَابُ السُّؤَالَ؟ أُجِيبَ: بِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قِيلَ مَعْرِفَةُ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا بِأَسَانِيدِهَا مَعَ تَعْلِيمِهَا النَّاسَ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْرِفَةَ أَسَانِيدِهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ، ثُمَّ قَالَ أَوْ. . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute