٢٦١ - وَعَنْ عَوْنٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ: صَاحِبُ الْعِلْمِ، وَصَاحِبُ الدُّنْيَا، وَلَا يَسْتَوِيَانِ ; أَمَّا صَاحِبُ الْعِلْمِ فَيَزْدَادُ رِضًى لِلرَّحْمَنِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الدُّنْيَا فَيَتَمَادَى فِي الطُّغْيَانِ. ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى - أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى} [العلق: ٦ - ٧] قَالَ: وَقَالَ الْآخَرُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] . رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
ــ
٢٦١ - (وَعَنْ عَوْنٍ) : تَابِعِيٌّ (قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَنْهُومَانِ) : أَيْ: حَرِيصَانِ لَا يَشْبَعَانِ) : فِي الْقَامُوسِ النَّهَمُ: مُحَرَّكَةً إِفْرَاطُ الشَّهْوَةِ فِي الطَّعَامِ، وَأَنْ لَا تَمْتَلِئَ عَيْنُ الْآكِلِ وَلَا يَشْبَعُ، نَهِمَ كَفَرِحَ وَعُنِيَ فَهُوَ نَهِمٌ وَنَهِيمٌ وَمَنْهُومٌ، وَهُوَ مَنْهُومٌ بِكَذَا مُولَعٌ بِهِ (صَاحِبُ الْعِلْمِ، وَصَاحِبُ الدُّنْيَا، وَلَا يَسْتَوِيَانِ) : أَيْ فِي الْمَآلِ وَالْعَاقِبَةِ فِيمَا يَزِيدَانِ (أَمَّا صَاحِبُ الْعِلْمِ فَيَزْدَادُ رِضًا لِلرَّحْمَنِ) . وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّخْصِيصِ بِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ مَظْهَرُ الرَّحْمَةِ حَيْثُ رَحِمَ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ بِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَتَخْلِيصِ الْجَهْلِ (وَأَمَّا صَاحِبُ الدُّنْيَا فَيَتَمَادَى) . أَيْ: يَزْدَادُ وَيَتَوَسَّعُ (فِي الطُّغْيَانِ) : وَيَبْعُدُ عَنْ رَحْمَةِ الرَّحْمَنِ (ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ) : اسْتِشْهَادًا لِذَمِّ الثَّانِي عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران: ١٠٦] الْآيَةَ {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى - أَنْ رَآهُ} [العلق: ٦ - ٧] أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ رَأَى نَفْسَهُ (اسْتَغْنَى) عَنِ النَّاسِ لِكَثْرَةِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْمَالِ (قَالَ) : أَيْ عَوْنٌ (وَقَالَ) : أَيِ ابْنُ مَسْعُودٍ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ مَا سَبَقَ وَهُوَ قَوْلُهُ: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: ٦] (الْآخَرُ) : بِالرَّفْعِ أَيِ الِاسْتِشْهَادُ الْآخَرُ، وَقِيلَ: بِالنَّصْبِ أَيْ: وَذَكَرَ الِاسْتِشْهَادَ الْآخَرَ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] بِنَصْبِ الْأَوَّلِ وَرَفْعِ الثَّانِي فِي الْمُتَوَاتِرِ وَعَكْسُهُ فِي الشَّوَاذِّ وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوَّلَ مُوجِبٌ لِزِيَادَةِ الطُّغْيَانِ الْمُقْتَضِي تَرْكَ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، وَالثَّانِي سَبَبٌ لِزِيَادَةِ الْخَشْيَةِ الْمُوَرَّثَةِ لِلْعِلْمِ وَالْعَمَلِ فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا. (رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute