تَرْغِيبًا لِأُمَّتِهِ عَلَى أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ، وَإِظْهَارًا لِلرَّحْمَةِ عَلَى عُمُومِ الْأَنَامِ، فِي الْمُغْرِبِ: حَثَيْتُ التُّرَابَ وَحَثَوْتُهُ إِذَا قَبَضْتَهُ وَرَمَيْتَهُ اه. يَجُوزُ كِتَابَةُ حَثَا بِالْيَاءِ وَالْأَلْفِ كَمَا لَا يَخْفَى (وَقَالَ) : أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَصْحَابُكُ) : أَيْ: بَعْضُهُمْ، أَوْ كُلُّهُمْ (يَظُنُّونَ أَنَّكَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ) : لِكَوْنِهِمْ مِمَّا غَلَبَ عَلَيْهِمُ الْخَوْفُ (وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) : نَظَرًا إِلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَسَعَةِ الرَّحْمَةِ (وَقَالَ: يَا عُمَرُ! إِنَّكَ لَا تُسْأَلُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ أَعْمَالِ النَّاسِ) : أَيْ: مِنَ الْمَعَاصِي، وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةُ: فِي الْإِسْلَامِ ; أَيْ: فِي حَالِ حُصُولِ إِسْلَامِهِمْ وَتَحَقُّقِ ; إِيمَانِهِمْ (وَلَكِنْ تُسْأَلُ عَنِ الْفِطْرَةِ) ; أَيْ: عَمَّا يَدُلُّ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ، وَعَلَامَاتِ الْيَقِينِ، وَالْمَقْصُودُ مَنْعُ عُمَرَ عَمَّا أَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْفِطْرَةِ وَالِاعْتِمَادَ عَلَى الِاعْتِقَادِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: عَنِ الْفِطْرَةِ ; أَيْ: عَنِ الْإِسْلَامِ وَأَعْمَالِ الْخَيْرِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ» " يَعْنِي أَنْتَ يَا عُمَرُ مِثْلُكَ لَا يُخْبِرُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ عَنْ أَعْمَالِ الشَّرِّ لِلْمَوْتَى، بَلْ أَخْبِرْ عَنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، كَمَا قَالَ: " «اذْكُرُوا مَوْتَاكُمْ بِالْخَيْرِ» " فَوَضَعَ لَا تُسْأَلُ مَوْضِعَ لَا تُخْبِرُ لِئَلَّا يَسْأَلَ أَحَدٌ ذَلِكَ، وَلَا يُخْبِرُ نَفْيًا لِلسُّؤَالِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَيَنْتَفِي الْإِخْبَارُ أَيْضًا، وَلِذَلِكَ سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ بِقَوْلِهِ: هَلْ رَآهُ أَحَدٌ عَلَى عَمَلِ الْإِسْلَامِ " وَشَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِحِرَاسَتِهِ، فَاكْتَفَى بِالْحِرَاسَةِ عَنْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ تَرْجِيحًا لِلْفِطْرَةِ عَلَى الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ اه. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: تَسْأَلُ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْمَبْنَى. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute