٣٨٩٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيَعْجَلْ إِلَى أَهْلِهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٣٨٩٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: السَّفَرُ) : أَيْ: جِنْسُهُ (قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ) : أَيْ: نَوْعٌ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) فَفِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: الصَّعُودُ جَبَلٌ مِنْ نَارٍ يَتَصَعَّدُ فِيهِ الْكَافِرُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، ثُمَّ يَهْوِي فِيهِ كَذَلِكَ أَبَدًا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: سُمِّيَ السَّفَرُ قِطْعَةً مِنَ الْعَذَابِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَمُعَانَاةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْخَوْفِ وَالسُّرَى، وَمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْأَصْحَابِ، وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ. قُلْتُ: وَأَمَّا مَا اشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ أَنَّ السَّفَرَ قِطْعَةٌ مِنَ السَّقَرِ، فَغَيْرُ ثَابِتِ الْمَبْنَى، وَلَعَلَّهُ نَقَلَ بِالْمَعْنَى، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيًّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ -: لَوْلَا أَنَّ هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَكَسْتُ وَقُلْتُ: السَّقَرُ قِطْعَةٌ مِنَ السَّفَرِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمُبَالَغَةِ أَوَّلًا، وَفَوْتٌ لِلْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنَ الصَّعُودِ، وَخُرُوجٌ عَنْ مَعْنَى الْبَعْضِيَّةِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ الْخُطَبِيَّةِ وَالْحِسَابَاتِ الْجُمَلِيَّةِ (يَمْنَعُ) : أَيِ: السَّفَرُ (أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) : أَيْ: عَنِ الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَهُوَ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ، أَوْ حَالٌ (فَإِذَا قَضَى) : أَيْ: أَحَدُكُمْ (نَهْمَتَهُ) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ; أَيْ: حَاجَتَهُ (مِنْ وَجْهِهِ) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: النَّهْمَةُ بُلُوغُ الْهِمَّةِ فِي الشَّيْءِ، وَقَدْ نُهِمَ بِهَذَا فَهُوَ مَنْهُومٌ ; أَيْ: مُولَعٌ بِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: " وَمِنْ وَجْهِهِ " مُتَعَلِّقٌ بِقَضَى ; أَيْ: إِذَا حَصَلَ مَقْصُودٌ مِنْ جِهَتِهِ وَجَانِبِهِ الَّذِي تَوَجَّهَ إِلَيْهِ (فَلْيَعْجَلْ) : بِفَتْحِ الْجِيمِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّشْدِيدِ، فَفِي الْقَامُوسِ عَجِلَ كَفَرِحَ أَسْرَعَ وَعَجَّلَ تَعْجِيلًا ; أَيْ: فَلْيُبَادِرْ (إِلَى أَهْلِهِ) : أَيْ: وَبَلَدِهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي الْإِقَامَةِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَاتُ وَالْحُقُوقُ الْوَاجِبَةُ لِلْأَهْلِ وَالْقَرَابَاتُ، وَهَذَا فِي الْأَسْفَارِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «فَإِذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فَلْيَعْجَلْ إِلَى أَهْلِهِ " أَشَارَ إِلَى السَّفَرِ الَّذِي لَهُ نَهْمَةٌ وَأَرَبٌ مِنْ تِجَارَةٍ، أَوْ تَقَلُّبٍ دُونَ السَّفَرِ الْوَاجِبِ كَالْحَجِّ وَالْغَزْوِ» اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute