للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩١٢ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: " «خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

ــ

٣٩١٢ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: خَيْرُ الصَّحَابَةِ) : بِالْفَتْحِ جَمْعُ صَاحِبٍ وَلَمْ يُجْمَعْ فَاعِلٌ عَلَى فَعَالَةٍ غَيْرَ هَذَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (أَرْبَعَةٌ) ; أَيْ: مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةٍ. قَالَ أَبُو حَامِدٍ: الْمُسَافِرُ لَا يَخْلُو عَنْ رَجُلٍ يَحْتَاجُ إِلَى حِفْظِهِ، وَعَنْ حَاجَةٍ يَحْتَاجُ إِلَى التَّرَدُّدِ فِيهَا وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً لَكَانَ الْمُتَرَدِّدُ وَاحِدًا، فَيَبْقَى بِلَا رَفِيقٍ، فَلَا يَخْلُو عَنْ خَطَرٍ وَضِيقِ قَلْبٍ لِفَقْدِ الْأَنِيسِ، وَلَوْ تَرَدَّدَ اثْنَانِ كَانَ الْحَافِظُ وَحْدَهُ. قَالَ الْمُظْهِرُ؟ يَعْنِي الرِّضَاءَ إِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونُوا ثَلَاثَةً ; لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَمَرِضَ أَحَدُهُمْ، وَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدَ رَفِيقَيْهِ وَصِيَّ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَشْهَدُ بِإِمْضَائِهِ إِلَّا وَاحِدٌ فَلَا يَكْفِي، وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً كَفَى شَهَادَةُ اثْنَيْنِ، وَلِأَنَّ الْجَمْعَ إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ يَكُونُ مُعَاوَنَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَتَمَّ، وَفَضْلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَيْضًا أَكْثَرُ، فَخَمْسَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَكَذَا كُلُّ جَمَاعَةٍ خَيْرٌ مِمَّنْ هُوَ أَقَلُّ مِنْهُمْ، لَا مِمَّنْ فَوْقَهُمْ ( «وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ» ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ; أَيْ: لَنْ يَصِيرَ مَغْلُوبًا (اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا) قَالَ الطِّيبِيُّ: جَمِيعُ قَرَائِنِ الْحَدِيثِ دَائِرَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِ، وَاثْنَا عَشَرَ ضِعْفًا أَرْبَعٌ، وَلَعَلَّ الْإِشَارَةَ بِذَلِكَ إِلَى الشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ وَاشْتِدَادِ ظَهْرَانَيْهِمْ تَشْبِيهًا بِأَرْكَانِ الْبِنَاءِ، وَقَوْلُهُ: (مِنْ قِلَّةٍ) : مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَوْ صَارُوا مَغْلُوبِينَ لَمْ يَكُنْ لِلْقِلَّةِ بَلْ لِأَمْرٍ آخَرَ سِوَاهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُونُوا قَلِيلِينَ وَالْأَعْدَاءُ مِمَّا لَا يُعَدُّ وَلَا يُحْصَى ; لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَثْلَاثِ جَيْشٌ قُوبِلَ بِالْمَيْمَنَةِ، أَوِ الْمَيْسَرَةِ، أَوِ الْقَلْبِ فَلْيَكْفِهَا، وَلِأَنَّ الْجَيْشَ الْكَثِيرَ الْمُقَاتِلَ مِنْهُمْ بَعْضُهُمْ، وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مُقَاتِلُونَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ يَوْمَ حُنَيْنٍ - وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا - لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ، وَإِنَّمَا غُلِبُوا عَنْ إِعْجَابٍ مِنْهُمْ، قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: ٢٥] وَكَانَ عَشَرَةُ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَلْفَانِ مِنْ مُسْلِمِي فَتْحِ مَكَّةَ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ) : وَكَذَا الْحَاكِمُ (وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) : وَلَفْظُ الْجَامِعِ وَلَا تُهْزَمُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>