٣٩٢١ - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: " «إِنَّ أَحْسَنَ مَا دَخَلَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٣٩٢١ - (وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا دَخَلَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَوَّلَ اللَّيْلِ» ) : قَالَ الْقَاضِي: (مَا) مَوْصُولَةٌ وَالرَّاجِعُ إِلَيْهِ مَحْذُوفٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ، " وَأَهْلَهُ " مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَإِيصَالُ الْفِعْلِ إِلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّسَاعِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ ; أَيْ: إِنَّ أَحْسَنَ دُخُولِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ دُخُولُ أَوَّلِ اللَّيْلِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُوفَةً ; أَيْ: أَحْسَنُ أَوْقَاتِ دُخُولِ الرَّجُلِ فِيهَا أَهْلَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَإِذَا هَذَا مَرْفُوعٌ مَحَلًّا خَبَرٌ لِأَنَّ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَتَبِعَهُ الْقَاضِي: التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا رَوَاهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الْغَيْبَةَ فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا " أَنْ يُحْمَلَ الدُّخُولُ عَلَى الْخُلُوِّ بِهَا وَقَضَاءِ الْوَطَرِ مِنْهَا لَا الْقُدُومِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا اخْتَارَ ذَلِكَ أَوَّلَ اللَّيْلِ ; لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لِبُعْدِهِ عَنْ أَهْلِهِ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الشَّبَقُ، وَيَكُونُ مُمْتَلِئًا تَوَّاقًا، فَإِذَا قَضَى شَهْوَتَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ خَفَّ بَدَنُهُ وَسَكَنَ نَفْسُهُ وَطَابَ نَوْمُهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: قَدْ سَبَقَ عَنِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ أَنَّهُ قَالَ: يُكْرَهُ لِمَنْ طَالَ سَفَرُهُ طُرُوقُ اللَّيْلِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ سَفَرُهُ قَرِيبًا يُتَوَقَّعُ إِتْيَانُهُ لَيْلًا، وَكَذَا إِذَا أَطَالَ وَاشْتُهِرَ قُدُومُهُ وَعَلِمَتِ امْرَأَتُهُ قُدُومَهُ، فَلَا بَأْسَ بِقُدُومِهِ لَيْلًا لِزَوَالِ الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ سَبَبُهُ، فَإِنَّ الْمُرَادَ التَّهَيُّؤُ وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ اهـ. كَلَامُهُ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُنَزَّلَ الْحَدِيثُ عَلَى الثَّانِي ; لِأَنَّ مَنْ طَالَ سَفَرُهُ وَبَعُدَ مُدَّةُ الْفِرَاقِ طَارَ قَلْبُهُ اشْتِيَاقًا، وَخُصُوصًا إِذَا قَرُبَ مِنَ الدَّارِ، وَرَأَى مِنْهَا الْآثَارَ قَالَ:
إِذَا دَنَتِ الْمَنَازِلُ زَادَ شَوْقِي ... وَلَاسِيَّمَا إِذَا بَدَتِ الْخِيَامُ
وَلِأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ الَّذِي طَالَ سَفَرُهُ أَنْ يَقْرُبَ مِنَ الْأَهْلِ إِلَّا بَعْدَ ; أَيَّامٍ ; لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ: يُكْرَهُ لَيْسَ عَلَى مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ، بَلْ عَلَى طِبْقِ كَلَامِ الْحُكَمَاءِ الْفَلْسَفِيَّةِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute