للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْلُهُ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُشْتَمِلٌ مُجْمَلًا عَلَى مَا ذُكِرَ بَعْدَهُ مُفَصَّلًا (إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَمْسَكَ) : أَيْ: عَنِ الشُّرُوعِ فِي الْقِتَالِ (حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ) : أَيْ: وَيَفْرُغُ عَنْ أَدَاءِ صَلَاةِ الصُّبْحِ (فَإِذَا طَلَعَتْ قَاتَلَ، فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ) : أَيِ: الشَّرْعِيُّ وَهِيَ الضَّحْوَةُ الْكُبْرَى (أَمْسَكَ) : أَيْ: عَنِ الْقِتَالِ (حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ) ، أَوِ الْمُرَادُ بِالنَّهَارِ الْعُرْفِيِّ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ حَتَّى تَزُولَ وَيُصَلِّيَ الظُّهْرَ، (فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ) : أَيْ: وَصَلَّى (قَاتَلَ حَتَّى الْعَصْرِ) : أَيْ: إِلَى الْعَصْرِ (ثُمَّ أَمْسَكَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ يُقَاتِلُ) : وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا إِذَا كَانَ هُوَ الْبَادِئُ لِلْقِتَالِ فَصَلَاةُ الْخَوْفِ مَحْمُولَةٌ عَلَى غَلَبَةِ الْكُفَّارِ (قَالَ قَتَادَةُ) : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (كَانَ يُقَالُ) : أَيْ: يَقُولُ الصَّحَابَةُ فِي إِمْسَاكِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْقِتَالِ إِلَى الزَّوَالِ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَخْ. وَفِي نُسْخَةٍ يَقُولُ: أَيِ: النُّعْمَانُ (عِنْدَ ذَلِكَ) : أَيْ: عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَقُولِ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ (تَهِيجُ) : أَيْ: تَجِيءُ (رِيَاحُ النَّصْرِ) : وَيَنْصُرُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «نُصِرْتُ بِالصَّبَا» " (وَيَدْعُو الْمُؤْمِنُونَ لِجُيُوشِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ) : أَيْ: فِي أَوْقَاتِ صَلَاتِهِمْ بَعْدَ فَرَاغِهَا، أَوْ فِي أَثْنَائِهَا بِالْقُنُوتِ عِنْدَ النَّوَازِلِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ تَرْكَهُ الْقِتَالَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَا فِيهَا، اللَّهُمَّ إِلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَإِنَّ هَذَا الْوَقْتَ مُسْتَثْنًى مِنْهَا لِحُصُولِ النَّصْرِ فِيهَا لِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَعَلَّ لِهَذَا السِّرَّ خُصَّ فِي الْحَدِيثِ هَذَا الْوَقْتُ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ يُقَاتِلُ، وَفِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ قَاتَلَ عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي اسْتِحْضَارًا لِتِلْكَ الْحَالَةِ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ قِتَالَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ كَانَ أَشَدَّ وَتَحَرِّيَهِ فِيهِ أَكْمَلُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>