للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ، فَيُؤْخَذَ بَغْتَةً وَهُوَ الْبَيَاتُ (فَيُصَابَ) : أَيْ بِالْقَتْلِ وَالْجَرْحِ (مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ) : فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الذَّرَارِيُّ بِالتَّشْدِيدِ أَفْصَحُ وَهِيَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ اهـ. وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَطْفَالُ وَالْوِلْدَانُ مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ (قَالَ: هُمْ مِنْهُمْ) : أَيِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ مِنَ الرِّجَالِ يَعْنِي أَنَّهُمْ فِي حُكْمِهِمْ إِذَا لَمْ يَتَمَيَّزُوا، فَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّشْخِيصِ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَفِي لَفْظٍ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ فَيَجِبُ دَفْعًا لِلْمُعَارَضَةِ حَمْلُهُ عَلَى مَوْرِدِ السُّؤَالُ وَهُمُ الْمُبَيِّتُونَ، وَذَلِكَ أَنَّ فِيهِ ضَرُورَةَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَالْقَصْدِ إِلَى الصِّغَارِ بِأَنْفُسِهِمْ ; لِأَنَّ التَّبْيِيتَ يَكُونُ مَعَهُ ذَلِكَ، وَالتَّبْيِيتُ هُوَ الْمُسَمَّى فِي عُرْفِنَا بَالْكَبْسِيَّةِ وَمَا الظَّنُّ إِلَّا أَنَّ حُرْمَةَ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِجْمَاعٌ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ اسْتِرْقَاقُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. قَالَ الْقَاضِي: أَرَادَ بِهِ تَجْوِيزَ سَبْيِهِمْ وَاسْتِرْقَاقِهِمْ كَمَا لَوْ أَتَوْا أَهْلَهَا نَهَارًا وَحَارَبُوهُمْ جِهَارًا، أَوْ أَنَّ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَتَوَجَّهُ إِلَى قَتْلِهِ فَهَدْرٌ لَا حَرَجَ فِي قَتْلِهِ ; لِأَنَّهُمْ ; أَيْضًا كُفَّارٌ، وَإِنَّمَا يَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ قَتْلِهِمْ حَيْثُ يَتَيَسَّرُ، وَلِذَلِكَ لَوْ تَتَرَّسُوا بِنِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ لَمْ يُبَالَ بِهِمْ. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَلَا بَأْسَ بِرَمْيِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَسِيرٌ مُسْلِمٌ، أَوْ تَاجِرٌ، بَلْ وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَصِبْيَانِهِمْ، سَوَاءٌ عَلِمُوا أَنَّهُمْ كَفُّوا عَنْ رَمْيِهِمُ انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُقْصَدُ رَمْيُهُمْ فِي صُورَةِ التَّتَرُّسِ، إِلَّا إِذَا كَانَ فِي الْكَفِّ عَنْ رَمْيِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ انْهِزَامُ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، فَإِنْ رُمُوا وَأُصِيبَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِ الْكَفَّارَةُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي الدِّيَةِ قَوْلَانِ. وَالْأَدِلَّةُ مَبْسُوطَةٌ فِي شَرْحِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: إِذَا فَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِيهَا مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًا لَا يَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ ذَلِكَ الْمُسْلِمَ، أَوِ الذِّمِّيَّ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ أُخْرِجَ وَاحِدٌ مِنْ عَرْضِ النَّاسِ حَلَّ إِذَا قُتِلَ الْبَاقِي لِجَوَازِ كَوْنِ الْمُخْرَجِ هُوَ ذَاكَ، فَصَارَ فِي كَوْنِ الْمُسْلِمِ فِي الْبَاقِينَ شَكٌّ بِخِلَافِ الْحَالَةِ الْأُولَى فَإِنَّ كَوْنَ الْمُسْلِمِ أَوِ الذِّمِّيِّ فِيهِمْ مَعْلُومٌ بِالْيَقِينِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَمَّا شُيُوخُ الْكُفَّارِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رَأْيٌ قُتِلُوا، وَإِلَّا فَفِيهِمْ وَفِي الرُّهْبَانِ خِلَافٌ. قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْتَلُونَ، وَالْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَتْلُهُمْ، وَفِيهِ أَنَّ أَوْلَادَ الْكُفَّارِ حُكْمُهُمْ فِي الدُّنْيَا كَحُكْمِ آبَائِهِمْ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَفِيهِمْ إِذَا مَاتُوا قَبْلَ الْبُلُوغِ ثَلَاثُ مَذَاهِبَ. الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ، وَالثَّانِي فِي النَّارِ، وَالثَّالِثُ لَا يُجْزَمْ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ. (وَفِي رِوَايَةٍ: هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>