يُدْرِكُوا، وَأَمَّا تَفْسِيرُ الِاسْتِحْيَاءِ بِالِاسْتِرْقَاقِ فَتَوَسُّعٌ وَمَجَازٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْغَرَضَ مِنِ اسْتِبْقَائِهِمْ إِحْيَاءُ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَاسْتِخْدَامِهِمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَرَادَ بِالشُّيُوخِ الرِّجَالَ وَالشُّبَّانَ أَهْلَ الْجَلَدِ مِنْهُمْ وَالْقُوَّةِ عَلَى الْقِتَالِ، وَلَمْ يُرِدِ الْهَرْمَى الَّذِينَ إِذَا سُبُوا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِمْ لِلْخِدْمَةِ وَأَرَادَ بِالشَّرْخِ الشُّبَّانَ أَهْلَ الْجَلَدِ يَصْلُحُونَ لِلْمِلْكِ وَالْخِدْمَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الشَّرْخُ أَوَّلُ الشَّبَابِ فَهُوَ وَاحِدٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ، قَالَ: رَجُلٌ صَوْمٌ رَجُلَانِ صَوْمٌ، وَرِجَالُ صَوْمٌ، وَامْرَأَةُ صَوْمٌ وَامْرَأَتَانِ صَوْمٌ وَنِسْوَةٌ صَوْمٌ، قِيلَ: إِنَّ الشُّيُوخَ جَمْعٌ كَصَاحِبٍ وَصَحْبٍ وَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ. قُلْتُ: وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَفِي الشُّيُوخِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ تَقُولَ لَمْ يُرِدِ اسْتِبْقَاءَ هَؤُلَاءِ لِلْمِلْكِ وَالْخِدْمَةِ لِمَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ وَلِاسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ طُولَ الْعُمْرِ، ثُمَّ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْمَكْرِ وَالدَّهَاءِ فَلَا يُؤْمَنُ إِذًا غَائِلَتُهُمْ وَدَخْلَتُهُمْ وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُمْ مِنَ الْفَسَادِ فِي الدِّينِ، أَوْ ثُلْمَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَهَؤُلَاءِ غَيْرُ الْفَتَاةِ الَّذِينَ لَا يُعْبَأُ بِهِمْ وَلَا يُكْتَرَثُ لَهُمْ، وَهَذَا أَوْلَى مَا يُؤَوَّلُ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ، لِئَلَّا يُخَالِفَ حَدِيثَ أَنَسٍ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ لَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا. وَقَالَ ; أَيْضًا قَوْلُهُ: أَيْ صِبْيَانَهُمْ لَيْسَ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ، وَلَا مِنْ كَلَامِ الصَّحَابِيِّ، فَلَعَلَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَدْرَجَهُ فِي الْحَدِيثِ، فَوَجَدَهُ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا بَلَغَهُ فَذَكَرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ الْمُؤَلِّفِ. قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إِذْ لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِهِ كَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ) : لَكِنْ يُرِيدُ كَلَامَ الشَّيْخِ أَنَّ السُّيُوطِيَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِ التَّفْسِيرِ، وَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّمَا فَسَّرَ الشَّرْخَ بِالصِّبْيَانِ لِيُقَابِلَ الشُّيُوخَ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالشُّيُوخِ الشُّبَّانَ وَأَهْلَ الْجَلَدِ فَيَصِحُّ التَّقَابُلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute