رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ: «بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْثٍ فَقَالَ لَنَا: " إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَاحْرِقُوهُمَا بِالنَّارِ " فَلَمَّا خَرَجْنَا دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: " إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا فَاقْتُلُوهُمَا وَلَا تَحْرِقُوهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ» . وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَسَمَّاهُمَا هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وَنَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَطَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ السَّبَبَ أَنَّهُمَا كَانَا رَوَّعَا زَيْنَبَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خَرَجَتْ لَاحِقَةً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا، وَالْقِصَّةُ مُفَصَّلَةٌ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ مَعْرُوفَةٌ لِأَهْلِ السِّيَرِ، وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ ; أَيْضًا تَحْرِيقَ عَلِيٍّ الزَّنَادِقَةَ الَّذِينَ أَتَى بِهِمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَحْرِقْهُمْ لِنُهَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ، وَلِقَتَلَتِهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» .
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مَسْنَدِهِ «عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حِبَّانَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، فَأَخَذْتُ بُرْغُوثًا فَرَمَيْتُهُ فِي النَّارِ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» ". وَأَمَّا مَا فِي فَتَاوَى الْوَالِجِيِّ بِتَرْكِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فِي أَرْضٍ غَامِرَةٍ ; أَيْ خَرِبَةٍ حَتَّى يَمُوتُوا جُوعًا كَيْلَا يَعُودُوا حَرْبًا عَلَيْنَا ; لِأَنَّ النِّسَاءَ بِهِنَّ النَّسْلُ وَالصِّبْيَانُ يَبْلُغُونَ فَيَصِيرُونَ حَرْبًا عَلَيْنَا فَبَعِيدٌ ; لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْذِيبِ، ثُمَّ هُمْ قَدْ صَارُوا أُسَارَى بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ، وَقَدْ أَوْصَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَسْرَى خَيْرًا حَدَّثَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ نَبِيهِ بْنِ وَهْبٍ أَخِي بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَقْبَلَ بِالْأُسَارَى فَرَّقَهُمْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَالَ: اسْتَوْصُوا بِالْأُسَارَى خَيْرًا، فَقَالَ أَبُو عَزِيزٍ مَوْلَى أَخِي مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَسَرَنِي فَقَالَ لَهُ: شُدَّ يَدَيْكَ بِهِ، فَإِنَّ أُمَّهُ ذَاتُ مَتَاعٍ. قَالَ: وَكُنْتُ فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ حِينَ أَقْبَلُوا مِنْ بَدْرٍ، فَكَانُوا إِذَا قَدَّمُوا غَدَاءَهُمْ وَعَشَاءَهُمْ خَصُّونِي بِالْخُبْزِ وَأَكَلُوا التَّمْرَ بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; إِيَّاهُمْ بِنَا مَا يَقَعُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْهُمْ كِسْرَةٌ مِنَ الْخُبْزِ إِلَّا نَفَحَنِي بِهَا. قَالَ: فَأَسْتَحْيِي فَأَرُدُّهَا عَلَى أَحَدِهِمْ فَيَرُدُّهَا عَلَى مَنْ يُمْسِكُهَا» ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقْتَلُوا جُوعًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُضْطَرُّوا إِلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ عَدَمِ الْحَمْلِ وَالْمِيرَةِ فَيُتْرَكُوا ضَرُورَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، وَالْغَارَةُ لَا تَكُونُ مَعَ دَعْوَةٍ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُمْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ أَوَّلًا فَاكْتَفَى بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute