للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥] بَابُ حُكْمِ الْأُسَرَاءِ

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٣٩٦٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يُدْخَلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ» وَفِي رِوَايَةٍ: " «يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

[٥] بَابُ حُكْمِ الْأُسَرَاءِ

بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ السِّينِ، جَمْعُ أَسِيرٍ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٣٩٦٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: عَجِبَ اللَّهُ) : أَيْ رَضِيَ (مِنْ قَوْمٍ يُدْخَلُونَ الْجَنَّةَ) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْفَاعِلِ (فِي السَّلَاسِلِ) : حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يَدْخُلُونَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يُؤْخَذُونَ أُسَارَى قَهْرًا وَكَرْهًا فِي السَّلَاسِلِ وَالْقُيُودِ، فَيَدْخُلُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ يَرْزُقُهُمُ اللَّهُ الْإِيمَانَ فَيَدْخُلُونَ بِهِ الْجَنَّةَ، فَأَحَلَّ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ مَحَلَّ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِإِفْضَائِهِ إِلَيْهِ. (وَفِي رِوَايَةٍ) : أَيْ لِلْبُخَارِيِّ، أَوْ لِغَيْرِهِ (يُقَادُونَ) : أَيْ يُجَرُّونَ (إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ) : فَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ سَبَقَ غَيْرُهُ مَرَّةً أَنَّ صِفَاتِ الْعِبَادِ إِذَا أُطْلِقَتْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أُرِيدَ بِهَا غَايَاتُهَا، فَغَايَةُ التَّعَجُّبِ وَالِاسْتِبْشَارِ بِالشَّيْءِ الرِّضَا بِهِ وَاسْتِعْظَامُ شَأْنِهِ، فَالْمَعْنَى عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَ قَوْمٍ يُؤْخَذُونَ عَنْوَةً فِي السَّلَاسِلِ، فَيَدْخُلُونَ فِي الْإِسْلَامِ فَيَصِيرُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَرَضِيَ عَنْهُمْ، وَأَحَلَّهُمْ مَحَلَّ مَا يَتَعَجَّبُ مِنْهُ، وَقِيلَ. أَرَادَ بِالسَّلَاسِلِ مَا يَرِدُونَ بِهِ مِنْ قَتْلِ الْأَنْفُسِ وَسَبْيِ دُخُولِ الْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ، وَتَخْرِيبِ الدِّيَارِ وَسَائِرِ مَا يُلْجِئُهُمْ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي سَبَّبَ دُخُولَ الْجَنَّةِ، فَأَقَامَ الْمُسَبَّبَ مَقَامَ السَّبَبِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا جَذَبَاتِ الْحَقِّ الَّتِي يَجْذِبُ بِهَا خَاصَّةَ عِبَادِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى، وَمِنَ الْهُبُوطِ فِي مَهَاوِي الطَّبِيعَةِ إِلَى الْعُرُوجِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى إِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى. قُلْتُ: وَكَذَا فِي مَعْنَى السَّلَاسِلِ مَكْرُوهَاتُ النَّفْسِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْمَرَضِ وَالْخُمُولِ، وَسَائِرِ الْمُصِيبَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَفَوَاتِ اللَّذَّاتِ النَّفْسِيَّةِ، فَإِنَّهَا تَجُرُّ إِلَى الْحَالَاتِ السَّنِيَّةِ الرُّوحِيَّةِ وَالْمَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَرَاهَةُ الْأَوْلَادِ لِلْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ. وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَجِبْتُ لِأَقْوَامٍ يُسَاقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ وَهُمْ كَارِهُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>