الْأَوَّلَ أَظْهَرُ ; لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ مَا كَانُوا يَقُومُونَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَرَاهِيَتِهِ لِلْقِيَامِ. (فَجَاءَ فَجَلَسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ هَؤُلَاءِ) : أَيْ بَنِي قُرَيْظَةَ (نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ) . قَالَ النَّوَوِيُّ: وَإِنَّمَا فَوَّضَ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ ; لِأَنَّ الْأَوْسَ طَلَبُوا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَفْوَ عَنْهُمْ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا حُلَفَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ) فَرَضُوا بِهِ. (قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ) : بِكَسْرِ التَّاءِ ; أَيْ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُمُ الْقِتَالُ وَلَوْ بِالرَّأْيِ. (وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ) ; أَيِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ (قَالَ) : أَيِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ) . بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ اللَّهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: (وَفِي رِوَايَةٍ: بِحُكْمِ اللَّهِ) : أَيْ أَصَبْتَ بِهِمْ وَقَضَيْتَ بِقَضَاءٍ ارْتَضَى اللَّهُ بِهِ، وَيُرْوَى بِفَتْحِهَا ; أَيِ الْمَلَكِ النَّازِلِ بِالْوَحْيِ وَهُوَ جِبْرِيلُ، أَوِ الَّذِي أَلْقَى الصَّوَابَ فِي الْقَلْبِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمَلِكُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى. قَالَ الْقَاضِي: وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا، فَإِنْ صَحَّ الْفَتْحُ، فَالْمُرَادُ بِهِ جِبْرِيلُ ; أَيِ الْحُكْمِ الَّذِي جَاءَ بِهِ جِبْرِيلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. وَفِيهِ جَوَازُ التَّحْكِيمِ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَمُهِمَّاتِهِمُ الْعِظَامِ، وَلَا يُخَالِفُ فِي هَذَا الْإِجْمَاعِ إِلَّا الْخَوَارِجُ، فَإِنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ التَّحْكِيمَ، وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ الْعَادِلُ فِي شَيْءٍ لَزِمَهُ حُكْمُهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَلَا لَهُمُ الرُّجُوعُ عَنْهُ بَعْدَ الْحُكْمِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute