للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَكَّدَهُ بِالْقَسَمِ وَذَيَّلَهُ بِقَوْلِ (أَبَدًا قَالَ) ; أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِنِّي لَا أَخِيسُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا تَحْتِيَّةٌ لَا أَغْدِرُ (بِالْعَهْدِ) وَلَا أَنْقُضُهُ وَفِيهِ أَنَّ الْعَهْدَ يُرَاعَى مَعَ الْكُفَّارِ كَمَا يُرَاعَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ) بِضَمَّتَيْنِ وَقِيلَ بِسُكُونِ الرَّاءِ جَمْعُ بَرِيدٍ وَهُوَ الرَّسُولُ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْبِسْهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاقْتِضَاءِ الرِّسَالَةِ جَوَابًا عَلَى وَفْقِ مُدَّعَاهُمْ بِلِسَانِ مَنِ اسْتَأْمَنُوهُ قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِالْعَهْدِ هَاهُنَا الْعَادَةُ الْجَارِيَةُ الْمُتَعَارَفَةُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الرُّسُلَ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ بِمَكْرُوهٍ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي بَعْدَهُ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ الْحَدِيثَ، أَلَا تَرَى كَيْفَ صَدَّرَ الْجُمْلَةَ بِلَفْظِ " أَمَا " الَّتِي هِيَ مِنْ طَلَائِعِ الْقَسَمِ، ثُمَّ عَقَّبَهَا بِهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ ارْتِكَابَ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْتَكَبَ، وَقَوْلُهُ (وَلَكِنِ ارْجِعْ) اسْتِدْرَاكٌ عَنْ مُقَدَّرٍ ; أَيْ لَا تُقِمْ هَاهُنَا وَتُظْهِرِ الْإِسْلَامَ وَلَكِنِ ارْجِعْ (فَإِنْ كَانَ) ; أَيْ ثَبَتَ (فِي نَفْسِكَ) ; أَيْ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ (الَّذِي فِي نَفْسِكَ الْآنَ فَارْجِعْ) ; أَيْ مِنَ الْكُفَّارِ إِلَيْنَا، ثُمَّ أَسْلِمْ لِأَنِّي لَوْ قَبِلْتُ مِنْكَ الْإِسْلَامَ الْآنَ وَمَا أَرُدُّكَ عَلَيْهِمْ لَغَدَرْتُ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَفِيهِ أَنَّ قَبُولَ الْإِسْلَامِ مِنْهُ لَا يَكُونُ غَدْرًا وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ حَبْسِهِ لَهُ غَدْرًا بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُظْهِرِ الْإِسْلَامَ وَيَرْجِعْ إِلَيْهِمْ حَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَبْسُهُ فَإِنَّهُ أَرْفَقُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى الْحَقِّ عَلَى الطَّرِيقِ الْحَقِّ. (قَالَ) ; أَيْ أَبُو رَافِعٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَذَهَبْتُ) ; أَيْ إِلَيْهِمْ (ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمْتُ) ; أَيْ أَظْهَرْتُ الْإِسْلَامَ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>