للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَاضِعٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ: يَوْمُ هَلَاكِ اللِّئَامِ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَئِيمٌ رَاضِعٌ أَيْ: رَضِيعُ اللُّؤْمِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَمُصُّ حَلَمَةَ الشَّاءِ وَالنَّاقَةِ؛ لِئَلَّا يَسْمَعَ السُّؤَّالُ، وَالضِّيفَانُ صَوْتَ الْحِلَابِ فَيَقْصِدُوهُ، وَقِيلَ: الْيَوْمَ يُعْرَفُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ كَرِيمَةٌ فَأَشْجَعَتْهُ، أَوْ لَئِيمَةٌ فَهَجَنَتْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْيَوْمُ يُعْرَفُ مَنْ أَرْضَعَتْهُ الْحَرْبُ مِنْ صِغَرِهِ وَتَدَرَّبَ بِهَا وَيُعْرَفُ غَيْرُهُ اهـ. أَوِ الْمَعْنَى الْيَوْمَ تَهْلَكُونَ أَيُّهَا الْكُفَّارُ بِأَيْدِينَا، فَإِنَّكُمْ عَاجِزُونَ كَالْأَطْفَالِ الَّذِينَ يَرْضَعُونَ عِنْدَنَا، (فَمَا زِلْتُ أَرْمِيهِمْ، وَأَعْقِرُ بِهِمْ) أَيْ: أَقْتُلُ مَرْكُوبَهُمْ وَأَجْعَلُهُمْ رَاجِلِينَ بِعَقْرِ دَوَابِّهِمْ (حَتَّى مَا خَلَقَ اللَّهُ) : " مَا " نَافِيَةٌ (مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: مِنْ إِبِلِهِ بَيَانُ قَوْلِهِ مِنْ بَعِيرٍ، وَمِنْ فِيهِ زَائِدَةٌ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهَا (إِلَّا خَلَّفْتُهُ) : بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ: تَرَكْتُهُ (وَرَاءَ ظَهْرِي) : فِيهِ تَجْرِيدٌ، أَوْ تَأْكِيدٌ (ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ) : بِتَشْدِيدِ التَّاءِ الْأُولَى (أَرْمِيهِمْ، حَتَّى أَلْقَوْا) أَيْ: طَرَحُوا وَرَمَوْا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً) : وَهِيَ شَمْلَةٌ مُخَطَّطَةٌ، أَوْ كِسَاءٌ أَسْوَدُ مُرَبَّعٌ صَغِيرٌ يَلْبَسُهُ الْأَعْرَابُ (وَثَلَاثِينَ رُمْحًا، يَسْتَخِفُّونَ) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ: يَطْلُبُونَ الْخِفَّةَ بِإِلْقَائِهَا فِي الْفِرَارِ (وَلَا يَطْرَحُونَ شَيْئًا) أَيْ: مِنَ الْبُرُدِ وَالرُّمْحِ وَغَيْرِهِمَا (إِلَّا جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَامًا) : بِمَدٍّ فِي أَوَّلِهِ جَمْعُ إِرَمٍ كَعِنَبٍ وَأَعْنَابٍ وَهُوَ الْعَلَامَةُ فَقَوْلُهُ: (مِنَ الْحِجَارَةِ) : تَجْرِيدٌ، أَوْ تَأْكِيدٌ (إِلَّا يَعْرِفُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ) : فِي النِّهَايَةِ: كَانَ مِنْ عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وَجَدُوا شَيْئًا فِي طَرِيقِهِمْ لَا يُمْكِنُهُمُ اسْتِصْحَابُهُ تَرَكُوا عَلَيْهِ حِجَارَةً يَعْرِفُونَهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا عَادُوا أَخَذُوهُ (حَتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: أَقْبَلُوا (وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: مِنْهُمْ (بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ) أَيِ: الْفَزَارِيِّ (فَقَتَلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَيْرُ فُرْسَانِنَا ") جَمْعُ فَارِسٍ رَاكِبُ الْفَرَسِ (الْيَوْمَ أَبُو قَتَادَةَ وَخَيْرُ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ جَمْعُ رَاجِلٍ بِمَعْنَى الْمَاشِي عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ، وَنَظِيرُهُ السَّيَّارَةُ جَمْعُ سَائِرٍ، وَالنَّظَّارَةُ جَمْعُ نَاظِرٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ فَضِيلَةُ الشَّهَادَةِ وَمَنْقَبَةٌ لِسَلَمَةَ وَأَبِي قَتَادَةَ، وَجَوَازُ الثَّنَاءِ عَلَى مَنْ فَعَلَ جَمِيلًا، وَاسْتِحْقَاقُ ذَلِكَ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ وَجَوَازُ عَقْرِ خَيْلِ الْعَدُوِّ فِي الْقِتَالِ، وَاسْتِحْبَابُ الرَّجَزِ فِي الْحَرْبِ وَجَوَازُ الْقَوْلِ: بِأَنِّي أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَجَوَازُ الْمُبَارَزَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ وَحَبُّ الشَّهَادَةِ وَالْحِرْصُ عَلَيْهَا، وَإِلْقَاءُ النَّفْسِ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ.

(قَالَ) أَيْ: أَبُو سَلَمَةَ ( «ثُمَّ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَيْنِ: سَهْمَ الْفَارِسِ» ) : وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، أَوْ سَهْمَانِ عَلَى مَا سَبَقَ، (وَسَهْمَ الرَّاجِلِ) أَيْ: أَعْطَانِي سَهْمَ فَارِسٍ مَعَ سَهْمِ رَاجِلٍ ; لِأَنَّ مُعْظَمَ أَخْذِ تِلْكَ الْغَنِيمَةِ كَانَتْ بِسَبَبِ سَلَمَةَ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ أَكْثَرَ سَعْيَهُ فِي الْجِهَادِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى نَصِيبِهِ لِتَرْغِيبِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْطِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمِيعَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُنَفِّلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْقِتَالِ، وَقِيلَ: إِنَّ مَنْ حَضَرَ الْحَرْبَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا بِنِيَّةِ الْحَرْبِ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي الْغَنِيمَةِ، وَتُسَمَّى هَذِهِ الْغَزْوَةُ غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَالرَّاءِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ، (فَجَمَعَهُمَا إِلَيَّ جَمِيعًا) أَيْ: هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِي. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَعْطَاهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ سَهْمَ الرَّاجِلِ فَحَسْبُ ; لِأَنَّ سَلَمَةَ كَانَ رَاجِلًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأَعْطَاهُ الزِّيَادَةَ نَفَلًا لِمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ بَلَائِهِ. (ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ: أَرْكَبَنِي (وَرَاءَهُ) أَيْ: وَرَاءَ ظَهْرِهِ (عَلَى الْعَضْبَاءِ) : نَاقَةٍ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَاجِعَيْنِ) : بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ (إِلَى الْمَدِينَةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) : وَكَذَا مُسْلِمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>