الْفَصْلُ الثَّانِي
٤٠٠١ - عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، أَوْ قَالَ فَضَّلَ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ وَأَحَلَّ لَنَا الْغَنَائِمَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
الْفَصْلُ الثانِي
٤٠٠١ - (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ فَضَّلَنِي عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ") أَيْ: سَائِرِهِمْ، وَمِنْهُمُ الرُّسُلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «آدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ". (أَوْ قَالَ فَضَّلَ أُمَّتِي عَلَى الْأُمَمِ ") : لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: ١١٠] وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أَنْ يَكُونَ رَسُولُهُمْ خَيْرَ الرُّسُلِ، وَقَدْ يُقَالُ: خَيْرِيَّةُ أُمَّتِهِ إِنَّمَا هِيَ لِخَيْرِيَّةِ رَسُولِهِمْ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ صَاحِبُ الْبُرْدَةِ:
لَمَّا دَعَا اللَّهُ دَاعِيَنَا لِدَعْوَتِهِ ... بِأَفْضَلِ الرُّسُلِ كُنَّا أَفْضَلَ الْأُمَمِ
(" وَأَحَلَّ لَنَا الْغَنَائِمَ ") : يَعْنِي أَنَّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِنَا، وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ عِلَّةَ الِاخْتِصَاصِ هِيَ الْأَفْضَلِيَّةُ، وَهِيَ لَا تُنَافِي عِلَّةً أُخْرَى حَيْثُ وَرَدَ: إِنَّهُ أَحَلَّهَا لَنَا لِعَجْزِنَا وَضَعْفِنَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: عُطِفَ أَحَلَّ عَلَى فَضَّلَ عَلَى طَرِيقَةِ الْحُصُولِ وَالْوُجُودِ، وَفَوَّضَ تَرَتُّبَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ إِلَى ذِهْنِ السَّامِعِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النمل: ١٥] وَفِي " لَنَا " عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ تَعْظِيمٌ، وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَظَهَرَ ; لِأَنَّ الْعُدُولَ إِلَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ مُشْعِرٌ بِالتَّعْظِيمِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْخَلَ نَفْسَهُ الزَّكِيَّةَ فِي غِمَارِ الْأُمَّةِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا أَنَّ الْفَضِيلَةَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى هِيَ إِظْهَارُ الضَّعْفِ وَالْعَجْزِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى. قُلْتُ: أَوْ إِشْعَارٌ بِأَنَّ الْفَضْلَ وَهْبِيٌّ لَا كَسْبِيٌّ وَأَنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ الضَّعِيفَ بِحَيْثُ يَسْتَعْجِبُ الْقَوِيُّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ بَابِ ثَوَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute