٤٠٥٢ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْصَى بِثَلَاثَةٍ قَالَ: " أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ نَحْوَ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ فَأُنْسِيتُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٤٠٥٢ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى بِثَلَاثَةٍ) أَيْ: أَشْيَاءَ (قَالَ: أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يُرِيدُ بِهِمُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى (مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا) مِنَ الْإِجَازَةِ بِالزَّايِ إِعْطَاءُ الْأَمِيرِ (الْوَفْدَ) هُمُ الَّذِينَ يَقْصِدُونَ الْأُمَرَاءَ لِزِيَارَةٍ، أَوِ اسْتِرْفَادٍ، أَوْ رِسَالَةٍ وَغَيْرِهَا وَالْمَعْنَى أَعْطُوهُمْ مُدَّةَ إِقَامَتِهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ (بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالنَّحْوِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مِقْدَارَ الْعَطَاءِ مُفَوَّضٌ إِلَى رَأْيِهِمْ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَإِنَّمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ بِالْوَصِيَّةِ عَنْ عُمُومِ الْمَصَالِحِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعُظْمَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَافِدَ سَفِيرُ قَوْمِهِ، وَإِذَا لَمْ يُكْرَمُ رَجَعَ إِلَيْهِمْ بِمَا يُنَفِّرُ دُونَهُمْ رَغْبَةَ الْقَوْمِ فِي الطَّاعَةِ وَالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ سَفِيرُهُمْ فَفِي تَرْغِيبِهِ تَرْغِيبُهُمْ وَبِالْعَكْسِ، ثُمَّ إِنَّ الْوَافِدَ إِنَّمَا يَفِدُ عَلَى الْإِمَامِ، فَيَجِبُ رِعَايَتُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أُقِيمَ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَإِضَاعَتُهُ تُفْضِي إِلَى الدَّنَاءَةِ الَّتِي أَجَارَ اللَّهُ عَنْهَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ (قَالَ) أَيِ: ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَمَا فِي نُسْخَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَأَنَّ ضَمِيرَ قَالَ رَاجِعٌ إِلَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ; لِأَنَّ الْفَاعِلَ فِي قَوْلِهِ (وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ) هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَكَذَا فِي قَوْلِهِ (أَوْ قَالَ: فَأُنْسِيتُهَا) وَأَغْرَبَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِهِ لِلْمَشَارِقِ حَيْثُ قَالَ: الضَّمِيرُ فِي قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَفِي سَكَتَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ، وَقَالَ الْهَرَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ: النَّاسِي هُوَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَوَى الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَعَلَى هَذَا ضَمِيرُ قَالَ لِسَعِيدٍ، وَضَمِيرُ سَكَتَ لِابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِي مَتْنِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِلَفْظِ: وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ وَنَسِيتُ الثَّالِثَةَ اهـ. وَهَذَا صَحِيحٌ فِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرُ صَحِيحٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطْعًا نَظَرًا إِلَى سَابِقِ الْحَدِيثِ وَلَاحِقِهِ، وَإِلَى اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الثَّالِثَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ فِي رَوْضَةِ الْأَحْبَابِ: إِنَّ رَاوِيَ هَذَا الْحَدِيثِ سُلَيْمَانُ الْأَجْوَدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ لَا أَدْرَى مَا رَأَى سَعِيدٌ مَصْلَحَةً فِي بَيَانِ الثَّالِثَةِ وَسَكَتَ عَنْهَا، أَوْ قَالَهَا وَلِكِنِّي نَسِيتُ، ثُمَّ قِيلَ إِنَّهَا إِنْقَاذُ جَيْشِ أُسَامَةَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَكَذَا نُقِلَ عَنِ الْمُهَلَّبِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الثَّالِثَةُ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ» " فَذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مَعَ إِجْلَاءِ الْيَهُودِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute