الدَّالَّةَ عَلَى تَفَاوُتِ مَنَازِلِ الْمُسْلِمِينَ (وَقَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَيْ: وَمِنْ قَسْمِهِ مِمَّا كَانَ يَسْلُكُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُرَاعَاةِ التَّمْيِيزِ بَيْنَ أَهْلِ بَدْرٍ وَأَصْحَابِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَذَوِي الْمَشَاهِدِ الَّذِينَ شَهِدُوا الْحُرُوبَ وَبَيْنَ الْمُعِيلِ وَغَيْرِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَالرَّجُلُ) : بِالرَّفْعِ وَكَذَا قَوْلُهُ (وَقِدَمُهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ: سَبَقُهُ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِهَا أَيْ: ثَبَاتُ قَدَمِهِ فِي الدِّينِ، قِيلَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ فَالرَّجُلُ يُقْسَمُ لَهُ وَيُرَاعَى قِدَمُهُ فِي الْقَسْمِ، أَوِ الرَّجُلِ وَنُصِيبُهُ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ قِدَمُهُ، أَوِ الرَّجُلُ وَقِدَمُهُ يُعْتَبَرَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَقَبُولُ التَّفَاضُلِ كَقَوْلِهِمْ: الرَّجُلُ وَضَيْعَتُهُ وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَالرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ) أَيْ: شَجَاعَتُهُ وَجَبَانُهُ الَّذِي ابْتُلِيَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ مَشَقَّتُهُ وَسَعْيُهُ، (وَالرَّجُلُ وَعِيَالُهُ) أَيْ: مِمَّنْ يُمَوِّنُهُ (وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ) أَيْ: مِقْدَارُ حَاجَتِهِ. قَالَ شَارِحٌ: وَفِي كِتَابِ الْمَصَابِيحِ: وَالرَّجُلُ بِالْوَاوِ وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْفَاءِ التَّفْصِيلِيَّةِ، فَالرَّجُلُ وَقِدَمُهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ: إِلَّا أَنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا إِلَخْ قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: كَانَ رَأْيُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ الْفَيْءَ لَا يُخَمَّسُ، وَأَنَّ جُمْلَتَهُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِمْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى آخَرَ فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ فِي التَّفَاضُلِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَرَاتِبِ وَالْمَنَازِلِ، وَذَلِكَ إِمَّا بِتَنْصِيصِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ كَالْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ، خُصُوصًا مِنْهُمْ مَنْ كَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: ١٠٠] ، أَوْ بِتَقْدِيمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفْضِيلِهِ إِمَّا لِسَبْقِ إِسْلَامِهِ، وَإِمَّا بِحَسَبِ بَلَائِهِ وَإِمَّا لِشِدَّةِ احْتِيَاجِهِ وَكَثْرَةِ عِيَالِهِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute