التَّوَّابِينَ» ) : أَيْ: لِلذُّنُوبِ وَالرَّاجِعِينَ عَنِ الْعُيُوبِ، وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءً صَرِيحًا وَلَا لُزُومًا بِإِكْثَارِ وُقُوعِ الذُّنُوبِ مِنْهُ، بَلْ بِأَنَّهُ إِذَا وَقَعَ مِنْهُ ذَنْبٌ أُلْهِمَ التَّوْبَةَ عَنْهُ، وَإِنْ كَثُرَ وَفِيهِ تَعْلِيمٌ لِلْأُمَّةِ كَمَا وَرَدَ: «كُلُّكُمْ خَطَّاءُونَ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» . وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: ٢٢٢] أَيِ الَّذِينَ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ بَابِ مَوْلَاهُمْ، وَلَمْ يَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ( «وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ» ) : أَيْ: بِالْخَلَاصِ مِنْ تَبِعَاتِ الذُّنُوبِ السَّابِقَةِ، وَعَنِ التَّلَوُّثِ بِالسَّيِّئَاتِ اللَّاحِقَةِ، أَوْ مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ، فَيَكُونُ فِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ طَهَارَةَ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ لَمَّا كَانَتْ بِيَدِنَا طَهَّرْنَاهَا، وَأَمَّا طَهَارَةُ الْأَحْوَالِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّمَا هِيَ بِيَدِكَ فَأَنْتَ تُطَهِّرُهَا بِفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ.
(وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُحْيِي السُّنَّةِ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (فِي الصِّحَاحِ) ( «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ» إِلَى آخِرِهِ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، ثُمَّ قَالَ: ( «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» رَوَاهُ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ كَذَا فِي الْمَصَابِيحِ اهـ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ بِعَيْنِهِ إِلَّا كَلِمَةَ " أَشْهَدُ " قَبْلَ أَنَّ مُحَمَّدًا) وَالْحَاصِلُ وُرُودُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ حَيْثُ ذَكَرَ رِوَايَةَ التِّرْمِذِيِّ فِي الصِّحَاحِ لِإِيهَامِهَا أَنَّهُ كُلَّهُ فِي أَحَدِ الصَّحِيحَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ فِي الْأَزْهَارِ هَذَا حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ وَمُنْقَطِعٌ، وَإِلْحَاقُ الضَّعِيفِ بِالصَّحِيحِ غَيْرُ مَقْبُولٍ مَعَ تَغْيِيرِ الْعِبَارَةِ لَفْظًا وَمَعْنًى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute