٤١٣٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَا سَالَمْنَاهُمْ مُنْذُ حَارَبْنَاهُمْ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُمْ خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٤١٣٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا سَالَمْنَاهُمْ) : أَيْ مَا صَلَحْنَاهُمْ (مُنْذُ حَارَبْنَاهُمْ) :
وَفِي رِوَايَةٍ: مُنْذُ عَادَيْنَاهُمْ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ مَا صَلَحْنَا الْحَيَّاتِ مُنْذُ وَقَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الْحَرْبُ، فَإِنَّ الْمُحَارَبَةَ وَالْمُعَادَاةَ بَيْنَ الْحَيَّةِ وَالْإِنْسَانِ جِبِلِّيَّةٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَجْبُولٌ عَلَى طَلَبِ قَتْلِ الْآخَرِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْعَدَاوَةَ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مَا يُقَالُ: إِنَّ إِبْلِيسَ قَصَدَ دُخُولَ الْجَنَّةِ فَمَنَعَهُ الْخَزَنَةُ، فَأَدْخَلَتْهُ الْحَيَّةُ فِي فِيهَا فَوَسْوَسَ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ حَتَّى أَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ الْمَنْهِيَّةِ فَأُخْرِجَا عَنْهَا. قَالَ تَعَالَى: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [البقرة: ٣٦] وَالْخِطَابُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ وَإِبْلِيسَ وَالْحَيَّةِ، وَكَانَتْ فِي أَحْسَنِ الصُّورَةِ فَمُسِخَتْ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَدُومَ تِلْكَ الْعَدَاوَةُ، وَأَتَى بِضَمِيرِ الْعُقَلَاءِ لِلْحَيَّاتِ وَأَجْرَاهَا مَجْرَاهُمْ لِإِضَافَةِ الصُّلْحِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ إِلَيْهِمْ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤] وَإِلَّا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ، وَكَذَا قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُمْ) : أَيْ مَنْ تَرَكَ التَّعَرُّضَ لَهُنَّ (خِيفَةً) : أَيْ لِخَوْفِ ضَرَرٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ صَاحِبِهَا (فَلَيْسَ مِنَّا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ مَا سَالَمْنَاهُمْ لِلْحَيَّاتِ وَالْقَرِينَةُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ الْحَيَّاتِ مَخَافَةَ طَلَبِهِنَّ فَلَيْسَ مِنَّا مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute