الْفَصْلُ الثَّانِي.
٤١٥٢ - عَنْ أُمِّ كُرْزٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا " قَالَتْ؟ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ " عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ وَلَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إِنَاثًا» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: يَقُولُهُ " عَنِ الْغُلَامِ إِلَى آخِرِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
ــ
٤١٥٢ - (عَنْ أُمِّ كُرْزٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) : بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَزَاي كَعْبِيَّةٌ خُزَاعِيَّةٌ مَكِّيَّةٌ، رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَادِيثَ، رَوَى عَنْهَا عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا حَدِيثَهَا فِي الْعَقِيقَةِ. (قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ " أَقِرُّوا ") بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ أَبْقُوا وَخَلُّوا (الطَّيْرَ) أَيْ جِنْسَهَا (عَلَى مَكِنَاتِهَا) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَيُفْتَحُ، وَفِي نُسْخَةٍ بِضَمِّهِمَا أَيْ أَمَاكِنِهَا الَّتِي مَكَّنَهَا اللَّهُ فِيهَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ جُمْعُ مَكِنَةٍ وَهِيَ. بَيْضَةُ الضَّبِّ وَيُضَمُّ الْحَرْفَانِ مِنْهَا أَيْضًا. فِي النِّهَايَةِ: جَمْعُ مَكِنَةٍ بِكَسْرِ الْكَافِ وَقَدْ يُفْتَحُ أَيْ بَيْضُهَا وَهِيَ فِي الْأَصْلِ بَيْضُ الضِّبَابِ، وَقِيلَ: عَلَى أَمْكِنَتِهَا وَمَسَاكِنِهَا. كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلَيَّةِ إِذَا أَرَادَ حَاجَةً أَتَى طَيْرًا فِي وَكْرِهِ فَنَفَّرَهُ، فَإِذَا طَارَ ذَاتَ الْيَمِينِ مَضَى لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ طَارَ ذَاتَ الشِّمَالِ رَجَعَ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ أَيْ لَا تَزْجُرُوهَا وَأَقِرُّوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَقِيلَ: الْمَكِنَةُ التَّمَكُّنُ كَالطَّلِبَةِ وَالتَّبِعَةِ مِنَ التَّطَلُّبِ وَالتَّتَبُّعِ أَيْ: أَقِرَّاهَا عَلَى كُلِّ مَكِنَةٍ تَرَوْنَهَا وَدَعُوا التَّطَيُّرَ بِهَا، وَيُرْوَى بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْكَافِ جَمْعُ مَكَانٍ كَصُعُدٍ فِي صُعُدَاتٍ. (قَالَتْ) أَيْ أُمُّ كُرْزٍ (وَسَمِعْتُهُ) : أَيِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي نُسْخَةٍ وَسَمِعْتُ بِحَذْفِ الضَّمِيرِ (يَقُولُ) : وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا سَمِعَتْهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَفْصُولًا مِمَّا بَعْدَهُ، وَقَالَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ عَنْهَا، وَكَذَا قَوْلُهُ الْآتِي، وَلِلتِّرْمِذِيِّ إِلَخْ تَصْرِيحٌ بِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا سَمِعَتْهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ وَجْهِ الرَّبْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنَعَهُمْ عَنِ التَّطَيُّرِ فِي شَأْنِ الْمَوْلُودِ وَأَمَرَهُمْ بِالذَّبْحِ وَالصَّدَقَةِ بِقَوْلِهِ: (عَنِ الْغُلَامِ) : أَيْ يُذْبَحُ عَنِ الصَّبِيِّ (شَاتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ) أَيِ الْبِنْتِ (شَاةٌ، وَلَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إِنَاثًا) : الضَّمِيرُ فِي كُنَّ لِلشِّيَاةِ الَّتِي يُعَقُّ بِهِمَا عَنِ الْمَوْلُودِينَ وَذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إِنَاثًا فَاعِلُ يَضُرُّكُمْ أَيْ: لَا يَضُرُّكُمْ كَوْنُ شَاةِ الْعَقِيقَةِ ذُكْرَانًا أَوْ إِنَاثًا. قَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ فِي كُنَّ عَائِدٌ إِلَى الشَّاتَيْنِ وَالشَّاةِ الْمَذْكُورَةِ، وَغَلَّبَ الْإِنَاثَ عَلَى الذُّكُورِ تَقْدِيمًا لِلنِّعَاجِ فِي النُّسُكِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ نَحْوَ شَاةٍ وَنَمْلَةٍ وَحَمَامَةٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ بِانْتِهَاضِ الْقَرِينَةِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ (وَالتِّرْمِذِيُّ) : بِاللَّامِ (وَالنَّسَائِيُّ مِنْ قَوْلِهِ) : أَيْ مِنْ قَوْلِ الرَّاوِي (يَقُولُ) : أَيْ هُوَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (عَنِ الْغُلَامِ " إِلَى آخِرِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «عَنِ الْغُلَامِ عَقِيقَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ عَقِيقَةٌ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بِلَفْظِ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ. وَعَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاتَانِ لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَمْ إِنَاثًا» بِلَفْظِ " أَمْ "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute