للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٥٦ - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْعَقِيقَةِ. فَقَالَ " لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ " كَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ، وَقَالَ " مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسِكَ عَنْهُ فَلْيَنْسِكْ. عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةً» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

٤١٥٦ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ» ") أَيْ فَمَنْ شَاءَ أَنْ لَا يَكُونَ وَلَدُهُ عَاقًّا لَهُ فِي كِبْرَهِ فَلْيَذْبَحْ عَنْهُ عَقِيقَةً فِي صِغَرِهِ، لِأَنَّ عُقُوقَ الْوَالِدِ يُورِثُ عُقُوقَ الْوَلَدِ وَلَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ، وَهَذَا تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ: وَمَنْ وُلِدَ لَهُ إِلَخْ وَ (كَأَنَّهُ) أَيِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (كَرِهَ الِاسْمَ) هَذَا كَلَامُ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَيْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْتَقْبِحُ أَنْ يُسَمَّى عَقِيقَةً لِئَلَّا يُظَنُّ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْعُقُوقِ، وَأَحَبَّ أَنْ يُسَمَّى بِأَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ ذَبِيحَةٍ أَوْ نَسِيكَةٍ عَلَى دَأْبِهِ فِي تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ إِلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: هُوَ كَلَامٌ غَيْرُ سَدِيدٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الْعَقِيقَةَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، وَلَوْ كَانَ يَكْرَهُ الِاسْمَ لَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَمِنْ عَادَتِهِ تَغْيِيرُ الِاسْمِ إِذَا كَرِهَهُ، أَوْ يُشِيرُ إِلَى كَرَاهَتِهِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ كَقَوْلِهِ: «لَا تَقُولُوا لِلْعِنَبِ الْكَرْمَ» وَنَحْوِهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا الْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ السَّائِلَ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْهَا لِاشْتِبَاهِ تَدَاخُلِهِ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ أَوِ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَأَحَبَّ أَنْ يَعْرِفَ الْفَضِيلَةَ فِيهَا، وَلَمَّا كَانَتِ الْعَقِيقَةُ مِنَ الْفَضِيلَةِ بِمَكَانٍ لَمْ يُخْفِ عَلَى الْأُمَّةِ مَوْقِعَهُ مِنَ اللَّهِ، وَأَجَابَهُ. بِمَا ذَكَرَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الَّذِي يَبْغَضُهُ اللَّهُ مِنْ هَذَا الْبَابِ هُوَ الْعُقُوقُ لَا الْعَقِيقَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ ظَنَّ أَنَّ اشْتِرَاكَ الْعَقِيقَةِ مَعَ الْعُقُوقِ فِي الِاشْتِقَاقِ مِمَّا يُوهِنُ أَمْرَهَا، فَأَعْلَمَهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْعُقُوقُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مُسْتَعَارٌ لِلْوَالِدِ كَمَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْمَوْلُودِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَوْلُودَ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ حَقَّ أَبَوَيْهِ وَأَبَى عَنْ أَدَائِهِ صَارَ عَاقًّا فَجَعَلَ إِبَاءَ الْوَالِدِ عَنْ أَدَاءِ حَقِّ الْمَوْلُودِ عُقُوقًا عَلَى الِاتِّسَاعِ فَقَالَ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ أَيْ تَرْكُ ذَلِكَ مِنَ الْوَالِدِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ يُشْبِهُ إِضَاعَةَ الْمَوْلُودِ حَقَّ أَبَوَيْهِ، وَلَا يُحِبُّ اللَّهُ ذَلِكَ اهـ. وَلِلطِّيبِيِّ هُنَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ بِحَسَبِ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، فَرَأَيْنَا أَنَّ تَرْكَ ذِكْرِهِ أَوْلَى. (وَقَالَ) : عَطْفٌ عَلَى فَقَالَ وَمَا بَيْنَهُمَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ مِنَ الرَّاوِي أَدْرَجَهَا فِي الْحَدِيثِ، وَهَذَا إِلَى آخِرِهِ مِنْ تَمَامِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي جُمْلَةِ الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ (مَنْ وُلِدَ لَهُ) أَيْ وَلَدٌ كَمَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ يَذْبَحَ (عَنْهُ) أَيْ عَنِ الْمَوْلُودِ أَوْ عَنِ الْوَلَدِ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (فَالْيَنْسِكْ عَنِ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةً. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>