للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤١٦١ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ؟ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ ; قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٤١٦١ - (وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ) : أَيْ مَسْكَنَهُ الَّذِي يَبِيتُ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَعَمُّ مِنْهُ (فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ) : أَيْ مُطْلَقًا (قَالَ الشَّيْطَانُ) : أَيْ لِأَتْبَاعِهِ (لَا مَبِيتَ) أَيْ لَا مَوْضِعَ بَيْتُوتَةٍ (لَكُمْ) : وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا مُقَامَ لَكُمْ (وَلَا عَشَاءَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَالْمَدِّ، هُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُؤْكَلُ فِي الْعَشِيَّةِ، وَهِيَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ، وَيُقَالُ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ تَغْلِيبًا، وَالْمَعْنَى: لَا يَتَيَسَّرُ لَكُمُ الْمُقَامُ وَلَا الطَّعَامُ فِي هَذَا الْمَكَانِ. قَالَ الْقَاضِي: الْمُخَاطَبُ بِهِ أَعْوَانُهُ أَيْ لَا حَظَّ وَلَا فُرْصَةَ لَكُمُ اللَّيْلَةَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ؟ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَحْرَزُوا عَنْكُمْ أَنْفُسَهُمْ وَطَعَامَهُمْ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ انْتِهَازَ الشَّيْطَانِ فُرْصَةً مِنَ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا يَكُونُ حَالَ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُتَيَقِّظًا مُحْتَاطًا ذَاكِرًا لِلَّهِ فِي جُمْلَةِ حَالَاتِهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِغْوَائِهِ وَتَسْوِيلِهِ، وَأَيِسَ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ. وَقَالَ الْمُظْهِرُ، وَالْأَشْرَفُ: " وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُخَاطَبُ بِهِ الرَّجُلَ وَأَهْلَ بَيْتِهِ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ مِنَ الشَّيْطَانِ ". قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهُوَ بَعِيدٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ: وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: " أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ ". وَالْمُخَاطَبُونَ أَعْوَانُهُ. قُلْتُ: وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً لِأَهْلِ الْبَيْتِ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْمَبِيتِ وَالْعَشَاءِ فَلِغَالِبِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ صَادِقٌ فِي عُمُومِ الْأَفْعَالِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَقَدْ قَالَ شَارِحٌ: الْمَبِيتُ مَصْدَرٌ أَوْ مَكَانٌ، وَالْعَشَاءُ بِالْفَتْحِ مَا يُؤْكَلُ وَقْتَ الْعِشَاءِ وَبِالْكَسْرِ وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُؤْكَلُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْعِشَاءِ أَيْضًا، وَالْخِطَابُ إِمَّا لِأَوْلَادِهِ وَأَعْوَانِهِ أَيْ لَا يَحْصُلُ لَكُمْ مَسْكَنٌ وَطَعَامٌ، بَلْ صِرْتُمْ مَحْرُومِينَ بِسَبَبِ التَّسْمِيَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ نِسْيَانَ الذِّكْرِ يَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعَ الْغِذَاءِ مِنَ الْإِنْسَانِ لِتَلَذُّذِهِ بِذَلِكَ وَتَقَوِّيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِصَابَتُهُ مِنَ الطَّعَامِ التَّقَوِّي بِرَائِحَتِهِ، وَالذِّكْرُ هُوَ الْمَانِعُ لَهُ عَنْ حُضُورِ الطَّعَامِ، وَإِمَّا لِأَهْلِ الْبَيْتِ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ أَيْ جُعِلْتُمْ مَحْرُومِينَ كَمَا جَعَلْتُمُونِي مَحْرُومًا. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>