٢٩٦ - وَعَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: عَدَّهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَدِي - أَوْ فِي يَدِهِ قَالَ: ( «التَّسْبِيحُ نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ يَمْلَؤُهُ، وَالتَّكْبِيرُ يَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ، وَالطُّهُورُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» ) . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
ــ
٢٩٦ - (وَعَنْ رَجُلٍ) : أَيْ: مِنَ الصَّحَابَةِ (مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ) : مُصَغَّرًا (قَالَ: عَدَّهُنَّ) : أَيِ الْخِصَالَ الْآتِيَةَ، فَهُوَ ضَمِيرٌ مُبْهَمٌ يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [البقرة: ٢٩] وَالْمُفَسِّرُ هُنَا قَوْلُهُ: التَّسْبِيحُ إِلَخْ. (رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَدِي) أَيْ: أَخَذَ أَصَابِعَ يَدِي، وَجَعَلَ يَعْقِدُهَا فِي الْكَفِّ خَمْسَ مَرَّاتٍ عَلَى عَدِّ الْخِصَالِ لِمَزِيدِ التَّفْهِيمِ وَالِاسْتِحْضَارِ (أَوْ فِي يَدِهِ) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (قَالَ) : أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَجُوزُ رَجْعُهُ إِلَى الرَّاوِي تَفْسِيرًا لِلضَّمِيرِ الْمُبْهَمِ (التَّسْبِيحُ) : أَيْ: ثَوَابُهُ أَوْ نَفْسُهُ بِاعْتِبَارِ جِسْمِهِ ( «نِصْفُ الْمِيزَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُهُ» ) بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ أَيِ: الْمِيزَانُ كُلُّهُ أَوْ نِصْفُهُ الْآخَرُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: جُعِلَ الْحَمْدُ ضِعْفُ التَّسْبِيحِ لِأَنَّهُ جَامِعٌ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ مِنَ الثُّبُوتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ، وَالتَّسْبِيحُ مِنَ السَّلْبِيَّةِ (وَالتَّكْبِيرُ يَمْلَأُ) : بِالتَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ (مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) : أَيْ: جِنْسَيْهِمَا يَعْنِي ثَوَابَهُ أَنْ قُدِّرَ جِسْمًا يَمْلَأُهُمَا. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: التَّكْبِيرُ أَنْ يَنْفِيَ عَنِ الْغَيْرِ صِفَةَ الْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ، لِأَنَّ " أَفْعَلَ " مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ، وَالْكِبْرِيَاءُ مُخْتَصٌّ بِاللَّهِ تَعَالَى فَيَمْتَلِئُ الْعَارِفُ عِنْدَ ذَلِكَ هَيْبَةً وَجَلَالًا فَلَا يَنْظُرُ إِلَى مَا سِوَاهُ اهـ.
وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُشَاهِدُ كِبْرِيَاءَهُ فِي الْآفَاقِ وَالْأَنْفُسِ ( «وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصَّبْرِ» ) : وَهُوَ الصَّبْرُ عَلَى الطَّاعَةِ فَبَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ أَوِ الْمُصِيبَةِ أَوِ الصَّوْمُ صَبْرٌ عَنِ الْحَلْقِ وَالْفَرْجِ، فَبَقِي نِصْفُهُ الْآخَرُ مِنَ الصَّبْرِ عَنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَلَا يَظْهَرُ وَجْهُ مَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ الصَّبْرَ إِمَّا بِالْبَاطِنِ وَإِمَّا بِالظَّاهِرِ، وَالصَّوْمُ جَامِعٌ لِصَبْرِ الْبَاطِنِ بِحِفْظِهِ عَنْ تَعَاطِي أَكْثَرِ الشَّهَوَاتِ، فَجُعِلَ نِصْفًا لِذَلِكَ اهـ. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّبْرَ مِنْ أَحْوَالِ الْبَاطِنِ لَا غَيْرَ ( «وَالطَّهُورُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» ) : وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلشَّطْرِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute