للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٤٥ - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يُقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ لَنَا: " إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا؟ ، فَانْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٢٤٥ - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ) : صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. (قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكَ تَبْعَثُنَا) : أَيْ: وَفْدًا أَوْ غُزَاةً (فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يُقْرُونَنَا) : وَفِي رِوَايَةٍ: (لَا يُقْرُونَا) بِحَذْفِ نُونِ الْإِعْرَابِ مَعَ نُونِ الضَّمِيرِ تَخْفِيفًا، وَذَلِكَ ثَابِتٌ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَتُحَاجُّونِّي قُرِئَ بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَتَخْفِيفِهَا (فَمَا تَرَى) : مِنَ الرَّأْيِ، أَيْ: مَا تَقُولُ فِي أَمْرِنَا؟ (فَقَالَ لَنَا: إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا) : أَيْ مِنْهُمْ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ) : أَيِ الضَّيْفِ، وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَالْمَوْصُولُ صِفَةٌ لِلْحَقِّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ هَكَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالْحُمَيْدِيِّ وَشَرْحِ السُّنَّةِ، وَقَدْ غَيَّرُوا فِي الْمَصَابِيحِ إِلَى " لَهُ "، وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا عَلَى أَنَّ الضَّيْفَ مَصْدَرٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ. قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: ٢٤] ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَخْذِ حَقِّ الضَّيْفِ عِنْدَ عَدَمِ أَدَائِهِ وَهُوَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ الْمَشْرُوطَةِ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةُ الْمَارِّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي الْمُضْطَرِّينَ مِنْ أَهْلِ الْمَخْمَصَةِ، وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ، وَعَنْ هَذَا أَوْجَبَ قَوْمٌ ضَمَانَ الْقِيمَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ: لَا ضَمَانَ فِيهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: حَمَلَ أَحْمَدُ وَاللَّيْثُ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُضْطَرِّ، فَإِنَّ ضِيَافَتَهُمْ وَاجِبَةٌ. وَثَانِيهَا: أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِنْ أَعْرَاضِهَا بِأَلْسِنَتِكُمْ تَذْكُرُوا لِلنَّاسِ لَوْمَهُمْ. قُلْتُ: وَمَا أَبْعَدَ هَذَا التَّأْوِيلَ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ. قَالَ: وَثَالِثُهَا: أَنَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَكَانَتِ الْمُوَاسَاةُ وَاجِبَةً، فَلَمَّا أُشِيعَ الْإِسْلَامُ نُسِخَ ذَلِكَ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُؤَوِّلُ لَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ. وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ مَرَّ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ شُرِطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ إِنَّمَا صَارَ هَذَا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>