٤٢٩١ - وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «نَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ، فَإِنَّ ظَرْفًا لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ". وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: " نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ إِلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ، فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٤٢٩١ - (وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " نَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ) : أَيْ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي ظَرْفٍ مِنْ هَذِهِ الظُّرُوفِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا. (فَإِنَّ ظَرْفَهَا) : وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ. قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْفَاءُ فِيهِ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الظُّرُوفِ وَظَنَنْتُمْ أَنَّهَا تُحِلُّ وَتُحَرِّمُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ ظَرْفًا (لَا يُحِلُّ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ لَا يُبِيحُ (شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) : قَالَ النَّوَوِيُّ: كَانَ الْإِنْبَاذُ فِي الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَصِيرَ مُسْكِرًا فِيهَا، وَلَا يُعْلَمُ بِهِ لِكَثَافَتِهَا، فَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ، وَاشْتُهِرَ تَحْرِيمُ الْمُسْكِرَاتِ وَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي نُفُوسِهِمْ نُسِخَ ذَلِكَ وَأُبِيحَ الْإِنْبَاذُ فِي كُلِّ وِعَاءٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مُسْكِرًا (وَفِي رِوَايَةٍ) : أَيْ لِمُسْلِمٍ (قَالَ: " نَهَيْتُكُمْ) : وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ (عَنِ الْأَشْرِبَةِ إِلَّا فِي ظُرُوفِ الْأَدَمِ) : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ ; لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هِيَ الْأَشْرِبَةُ فِي الظُّرُوفِ الْمَخْصُوصَةِ، وَلَيْسَتْ ظُرُوفَ الْأَدَمِ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَذَلِكَ أَنَّ الْأَشْرِبَةَ أَوْعِيَةٌ مُنْتِنَةٌ قَدْ يَتَغَيَّرُ فِيهَا الشَّرَابُ وَلَا يُشْعَرُ بِهِ، فَنَهَى عَنِ الِانْتِبَاذِ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَسْقِيَةِ لِرِقَّتِهَا، فَإِذَا تَغَيَّرَ الشَّرَابُ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ يَنْشَقَّ، فَيَكُونُ أَمَارَةً يُعْلَمُ بِهَا تَغَيُّرُهُ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: (فَاشْرَبُوا) : مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ نَهَيْتُكُمْ أَوَّلًا عَنْ ذَلِكَ فَالْآنَ نَسَخَتْهُ " فَاشْرَبُوا " (فِي كُلِّ وِعَاءٍ) : وَقَوْلُهُ: (غَيْرَ أَنْ لَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا) : مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مُنْقَطِعٌ، وَتَقْرِيرُهُ أُبِيحَ لَكُمْ شُرْبُ مَا فِي كُلِّ إِنَاءٍ غَيْرَ شُرْبِ الْمُسْكِرِ، وَلَا زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) ، وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ، وَلَفْظُهُ: " «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَوْعِيَةِ، فَانْبِذُوا وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ» " اهـ. وَهُوَ مِنْ بَدِيعِ الْأَحَادِيثِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute