(قِرَبَكُمْ) : جَمْعُ قِرْبَةٍ أَيْ رُءُوسَهَا وَأَفْوَاهَهَا بِالْوِكَاءِ، وَهُوَ الْحَبْلُ؟ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ حَيَوَانٌ أَوْ يَسْقُطَ فِيهِ شَيْءٌ، وَأَمَّا مَا ضَبَطَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ كَسْرِ الْكَافِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ فَمُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ، بَلْ وَلِكُتُبِ اللُّغَةِ أَيْضًا فَهُوَ مُنَافٍ لِلرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) : أَيْ وَفْقَ الْإِيكَاءِ وَرَبْطِ السِّقَاءِ بِالْوِكَاءِ (وَخَمِّرُوا) : بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدِ مِيمٍ أَيْ غَطُّوا (آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلَوْ أَنْ تَرُضُّوا) : بِضَمِّ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا (عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى الْإِنَاءِ الْمَفْهُومِ مِنَ الْآنِيَةِ (شَيْئًا) : وَالْمَعْنَى: وَلَوْ أَنْ تَضَعُوا عَلَى رَأْسِ الْإِنَاءِ شَيْئًا بِالْعَرْضِ مِنْ خَشَبٍ وَنَحْوِهِ، وَ " أَنْ " مَعَ مَدْخُولِهَا فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ مَنْصُوبُ الْمَحَلِّ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَوْ كَانَ تَخْمِيرُكُمْ عَرْضًا، وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِوَضْعِ الْعُودِ عَرْضًا أَنَّ تَعَاطِيَ التَّغْطِيَةِ، إِذِ الْغَرَضُ أَنْ تَقْتَرِنَ التَّغْطِيَةُ بِالتَّسْمِيَةِ فَيَكُونُ الْمَرَضُ عَلَامَةً عَلَى التَّسْمِيَةِ فَيَمْتَنِعُ الشَّيْطَانُ مِنَ الدُّنُوِّ مِنْهُ.
قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْمَذْكُورُ بَعْدَ " لَوْ " فَاعِلُ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ وَلَوْ ثَبَتَ أَنْ تَعْرُضُوا عَلَيْهِ شَيْئًا وَجَوَابُ " لَوْ " مَحْذُوفٌ، أَيْ وَلَوْ خَمَّرْتُمُوهَا عَرْضًا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْعُودِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرْتُمُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لَكَانَ كَافِيًا، وَالْمَقْصُودُ هُوَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ كُلِّ فِعْلٍ صِيَانَةً عَنِ الشَّيْطَانِ وَالْوَبَاءِ وَالْحَشَرَاتِ أَوِ الْهَوَامِّ عَلَى مَا وَرَدَ بِاسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (وَأَطْفِئُوا) : بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَكَسْرِ فَاءٍ فَهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ (مَصَابِيحَكُمْ) : جَمْعُ مِصْبَاحٍ وَهُوَ السِّرَاجُ وَفِي مَعْنَاهُ الشَّمْعُ الْمَسْرُوجُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ، وَأَغْرَبَ الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ، وَأَتَى بِصِيغَةِ الْجَمْعِ إِلَى قَوْلِهِ: (فَخَلُّوهُمْ) ، ثُمَّ أَفْرَدَ الْخِطَابَ بِقَوْلِهِ: (وَأَغْلِقْ بَابَكَ. . إِلَخْ) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
٤٢٩٥ - وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ: " «خَمِّرُوا الْآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ، وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ، وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْمَسَاءِ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ ; فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ» ".
٤٢٩٥ - (وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ قَالَ: " خَمِّرُوا الْآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الْأَسْقِيَةَ، وَأَجِيفُوا) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَضَمِّ الْفَاءِ أَيْ رُدُّوا (الْأَبْوَابَ، وَاكْفِتُوا) : بِهَمْزِ وَصْلٍ وَكَسْرِ فَاءٍ وَضَمِّ فَوْقِيَّةٍ أَيْ ضُمُّوا (صِبْيَانَكُمْ) : إِلَى أَنْفُسِكُمْ وَامْنَعُوهُمْ مِنَ الِانْتِشَارِ (عِنْدَ الْمَسَاءِ) : أَيْ مِنْ أَوَّلِهِ (فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا) : أَيْ كَثِيرًا حِينَئِذٍ (وَخَطْفَةً) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ سَلْبًا سَرِيعًا أَيْضًا ( «وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ» ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ عِنْدَ النَّوْمِ أَيْ إِرَادَتِهِ (فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ) : تَصْغِيرُ فَاسِقَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْفَأْرَةُ لِخُرُوجِهَا مِنْ جُحْرِهَا عَلَى النَّاسِ وَإِفْسَادِهَا (رُبَّمَا) : بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفٍ أَيْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا (اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ طَلَبَتْ جَرَّهَا (فَأَحْرَقَتْ) : أَيِ الْفَتِيلَةُ أَوِ الْفَأْرَةُ فَالنِّسْبَةُ مَجَازِيَّةٌ (أَهْلَ الْبَيْتِ) : إِمَّا بِإِعْيَائِهِمْ، فَإِنَّهُمْ نَائِمُونَ غَافِلُونَ عَنْهَا، أَوْ بِسَبَبِ إِحْرَاقِ بَعْضِ أَثْيَابِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ الرِّوَايَةُ الْآتِيَةُ " تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute