الْفَصْلُ الثَّانِي
٤٣٠٢ - عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ وَنَهِيقَ الْحَمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ; فَإِنَّهُنَّ يَرَيْنَ مَا لَا تَرَوْنَ. وَأَقِلُّوا الْخُرُوجَ إِذَا هَدَأَتِ الْأَرْجُلُ ; فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبُثُّ مِنْ خَلْقِهِ فِي لَيْلَتِهِ مَا يَشَاءُ. وَأَجِيفُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ؟ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا إِذَا أُجِيفَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَغَطُّوا الْجِرَارَ، وَأَكْفِئُوا الْآنِيَةَ، وَأَوْكُوا الْقِرَبَ» ". رَوَاهُ فِي " شَرْحِ السُّنَّةِ ".
ــ
الْفَصْلُ الثَّانِي.
٤٣٠٢ - (عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: رَسُولَ اللَّهِ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِذَا سَمِعْتُمْ نُبَاحَ الْكِلَابِ) : بِضَمِّ النُّونِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ صِيَاحَهَا، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ " الْكَلْبِ " بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ وَالْمُرَادُ جِنْسُهُ (وَنَهِيقَ الْحَمِيرِ مِنَ اللَّيْلِ) : أَيْ فِي بَعْضِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ، وَهُوَ قَيْدٌ لَهُمَا أَوْ لِلْأَخِيرِ، وَلَعَلَّ الْقَيْدَ بِهِ لِأَنَّهُ أَقْبَحُ فِيهِ، وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْأُصُولِ، فَفِي الْحِصْنِ الْحَصِينِ: " «وَإِذَا سَمِعَ نَهِيقَ الْحَمِيرِ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ قَالَ: " وَكَذَلِكَ إِذَا سَمِعَ نُبَاحَ الْكِلَابِ ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
(فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، فَإِنَّهُنَّ) : أَيِ الْجِنْسَيْنِ عَلَى حَدِّ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} [الحج: ١٩] ، أَوْ كُلًّا مِنَ الْكِلَابِ وَالْحَمِيرِ (يَرَيْنَ) : أَيْ يُبْصِرْنَ مِنَ الشَّيَاطِينِ (مَا لَا تَرَوْنَ) : أَيْ مَا لَا تُبْصِرُونَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِرِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيَّ، وَالنَّسَائِيِّ: " «وَإِذَا سَمِعَ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ، فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ; فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا» ".
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: سَبَبُهُ رَجَاءُ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَاسْتِغْفَارِهِمْ وَشَهَادَتِهِمْ بِالتَّضَرُّعِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ وَالْإِخْلَاصِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّالِحِينَ وَالتَّبَرُّكُ بِهِمْ اهـ. وَكَذَا يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الظَّالِمِينَ وَالْفَاسِقِينَ، بَلِ الْمُبْتَلِينَ بِالدُّنْيَا، كَمَا كَانَ الشِّبْلِيُّ - قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ - إِذَا رَأَى أَحَدًا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ "، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُؤْيَةَ الصَّالِحِينَ وَالْفَاسِقِينَ بِمَنْزِلَةِ سَمَاعِ آيَاتِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ فِي الْأَوَّلِ، وَيَسْتَعِيذَ فِي الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute