للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٣٤٢ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ، عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، كَمَا كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَمَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

٤٣٤٢ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا) : أَيْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا، وَأَصْلُهُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ: صَيَّرَ ثَوْبَهُ جَدِيدًا، وَأَغْرَبَ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ: طَلَبَ ثَوْبًا جَدِيدًا، وَعِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا لَبِسَ يَوْمَ الْجُمُعَةَ» ، وَكَذَا رَوَاهُ الْخَطِيبُ وَالْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، فَالْمَعْنَى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا جَدِيدًا أَلْبَسَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ: (سَمَّاهُ) : أَيِ الثَّوْبَ الْمُرَادَ بِهِ الْجِنْسُ (بِاسْمِهِ) : أَيِ الْمُتَعَارَفُ الْمُتَعَيَّنُ الْمُشَخَّصُ الْمَوْضُوعُ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ (عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا، أَوْ رِدَاءً) : أَيْ أَوْ غَيْرَهَا، كَالْإِزَارِ وَالسِّرْوَالِ وَالْخُفِّ وَنَحْوِهَا، وَالْمَقْصُودُ التَّعْمِيمُ، فَالتَّخْصِيصُ لِلتَّمْثِيلِ بِأَنْ يَقُولَ: رَزَقَنِي اللَّهُ أَوْ أَعْطَانِي أَوْ كَسَانِي هَذِهِ الْعِمَامَةَ أَوِ الْقَمِيصَ أَوِ الرِّدَاءَ، وَ " أَوْ " لِلتَّنْوِيعِ. أَوْ يَقُولُ: هَذَا قَمِيصٌ أَوْ رِدَاءٌ أَوْ عِمَامَةٌ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَالْفَائِدَةُ لَهُ أَتَمُّ وَأَكْثَرُ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُظْهِرِ، وَالثَّانِي مُخْتَارُ الطِّيبِيِّ فَتَدَبَّرْ.

(ثُمَّ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، كَمَا كَسَوْتَنِيهِ) : الْكَافُ تَعْلِيلِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى " عَلَى " وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الْمُسَمَّى، قَالَ الْمُظْهِرُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَسْمِيَتَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا كَسَوْتَنِي هَذَا الْقَمِيصَ أَوِ الْعِمَامَةَ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِدَلَالَةِ الْعَطْفِ بِثُمَّ اهـ.

وَتَوْضِيحُهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ أَنْ يَقُولَ فِي ضِمْنِ كَلَامِهِ بَدَلٌ عَنْ ضَمِيرِ كَسَوْتَنِيهِ، وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ لَا يُلَائِمُ، ثُمَّ هُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ لَفْظِ الدُّعَاءِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ: " كَمَا كَسَوْتَنِيهِ " مَرْفُوعُ الْمَحَلِّ بِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ (أَسْأَلُكَ) :. . إِلَخْ. وَهُوَ الْمُشَبَّهُ أَيْ مِثْلَ مَا كَسَوْتَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ أَسْأَلُكَ (خَيْرَهُ) : أَيْ أَنْ تُوصِلَ. . إِلَخْ. (وَخَيْرَ مَا صُنِعَ) : أَيْ خُلِقَ (لَهُ) : مِنَ الشُّكْرِ بِالْجَوَارِحِ وَالْقَلْبِ وَالْحَمْدُ لِمُوَلِّيهِ بِاللِّسَانِ اهـ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوْلَى فَقَوْلُهُ: أَسْأَلُكَ اسْتِئْنَافٌ بَعْدَ تَقَدُّمِ ثَنَاءٍ، (وَأَعُوذُ بِكَ) : عَطْفٌ عَلَى أَسْأَلُكَ، أَيْ أَسْتَعِيذُ بِكَ (مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ) : أَيْ مِنَ الْكُفْرَانِ، هَذَا وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ: " كَمَا " بِقَوْلِهِ: " أَسْأَلُكَ "، وَالْمَعْنَى أَسْأَلُكَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خُلُقِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَهُوَ الْعِبَادَةُ بِهِ، وَصَرْفُهُ فِيمَا فِيهِ رِضَاكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا تَرْضَى بِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالْخُيَلَاءِ، وَكَوْنِي أُعَاقَبُ بِهِ لِحُرْمَتِهِ، وَقَالَ مِيرَكُ: خَيْرُ الثَّوَابِ بَقَاؤُهُ وَنَقَاؤُهُ وَكَوْنُهُ مَلْبُوسًا لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ، وَخَيْرُ مَا صُنِعَ لَهُ هُوَ الضَّرُورَاتُ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يُصْنَعُ اللِّبَاسُ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالْمُرَادُ سُؤَالُ الْخَيْرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ، وَأَنْ يَكُونَ مُبَلِّغًا إِلَى الْمَطْلُوبِ الَّذِي صُنِعَ لِأَجْلِهِ الثَّوْبُ مِنَ الْعَوْنِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ لِمُوَلِّيهِ، وَفِي الشَّرِّ عَكْسُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَهُوَ كَوْنُهُ حَرَامًا وَنَجِسًا وَلَا يَبْقَى زَمَانًا طَوِيلًا، أَوْ يَكُونُ سَبَبًا لِلْمَعَاصِي وَالشُّرُورِ وَالِافْتِخَارِ وَالْعُجْبِ وَالْغُرُورِ، وَعَدَمِ الْقَنَاعَةِ بِثَوْبِ الدُّونِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.

(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْهُ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ فَقَالَ: " أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ هَذَا أَمْ غَسِيلٌ؟ " قَالَ: بَلْ غَسِيلٌ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْبَسْ جَدِيدًا وَعِشْ حَمِيدًا وَمُتْ شَهِيدًا» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>