٤٣٥٩ - وَعَنْ أَبِي رِمْثَةَ التَّيْمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ، وَلَهُ شَعَرٌ قَدْ عَلَاهُ الشَّيْبُ وَشَيْبُهُ أَحْمَرُ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: وَهُوَ ذُو وَفْرَةٍ وَبِهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ.
ــ
٤٣٥٩ - (وَعَنْ أَبِي رِمْثَةَ) : بِكَسْرِ رَاءٍ فَسُكُونِ مِيمٍ فَمُثَلَّثَةٍ رِفَاعَةُ بْنُ يَثْرِبِيِّ (الْتَّيْمِيِّ) : بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، زَادَ فِي الشَّمَائِلِ: تَيْمُ الرَّبَابِ، وَاحْتَرِزْ بِهِ عَنْ تَيْمِ قُرَيْشٍ قَبِيلَةِ أَبِي بَكْرٍ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ، وَيُقَالُ: التَّمِيمِيُّ بِمِيمَيْنِ، قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَبِيهِ، وَعِدَادُهُ فِي الْكُوفِيِّينِ، رَوَى عَنْهُ إِيَادُ بْنُ لَقِيطٍ. (قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ) : أَيْ مَصْبُوغَانِ بِلَوْنِ الْخُضْرَةِ، وَهُوَ أَكْثَرُ لِبَاسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، كَمَا وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ ذَكَرَهُ مِيرَكُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ} [الإنسان: ٢١] ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا كَانَا مَخْطُوطَيْنِ بِخُطُوطٍ خُضْرٍ، كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: بَرْدَانِ بَدَلَ ثَوْبَانِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْبُرُودَ ذَوَاتُ الْخُطُوطِ. قَالَ الْعِصَامُ: الْمُرَادُ بِالثَّوْبَيْنِ الْإِزَارُ وَالرِّدَاءُ، وَمَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ لُبْسَ الثَّوْبِ الْأَخْضَرِ سُنَّةٌ ضَعْفُهُ ظَاهِرٌ، إِذْ غَايَةُ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ اهـ. وَضَعْفُهُ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ مُبَاحَةٌ عَلَى أَصْلِهَا، فَإِذَا اخْتَارَ شَيْئًا مِنْهَا يَلْبَسُهُ لَا شَكَّ فِي إِفَادَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (وَلَهُ) : أَيْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (شَعَرٌ) : بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا نَكَّرَهُ لِيَدُلَّ عَلَى الْقِلَّةِ أَيْ لَهُ شَعَرٌ قَلِيلٌ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ عِشْرِينَ شَعْرَةً عَلَى مَا ثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ، فَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ أَنَسٍ: مَا عَدَدْتُ فِي رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِحْيَتِهِ إِلَّا أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ (قَدْ عَلَا) : صِفَةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ " وَقَدْ عَلَاهُ " حَالٌ أَيْ غَلَبَ ذَلِكَ الشَّعَرَ الْقَلِيلَ (الشَّيْبُ) : أَيِ الْبَيَاضُ (وَشَيْبُهُ أَحْمَرُ) : أَيْ مَصْبُوغٌ بِالْحِنَّاءِ. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ الشَّعَرَ الْقَلِيلَ مَصْبُوغٌ بِالْحِنَّاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " بِهَا رَدْعٌ مِنْ حِنَّاءٍ " وَيُقَوِّيهِ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي رِمْثَةَ أَيْضًا: أَنَّ شَيْبَهُ أَحْمَرُ مَصْبُوغٌ بِالْحِنَّاءِ، وَقِيلَ الْمَعْنَى أَنْ يُخَالِطَ شَيْبَهُ حُمْرَةٌ فِي أَطْرَافِ تِلْكَ الشَّعْرَاتِ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَشِيبُ أُصُولُ الشَّعَرِ، وَأَنَّ الشَّعَرَ إِذَا قَرُبَ شَيْبُهُ صَارَ أَحْمَرَ، ثُمَّ أَبْيَضَ. وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ خَضَبَ أَمْ لَا، اللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَكَذَا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مَعَ اخْتِلَافٍ بَيَّنْتُ تَوْجِيهَهُ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ. (وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: وَهُوَ ذُو وَفْرَةٍ) : وَهُوَ الشَّعَرُ الَّذِي وَصَلَ إِلَى شَحْمَةِ الْأُذُنِ (وَبِهَا) : أَيْ وَبِالْوَفْرَةِ (رَدْعٌ) : بِفَتْحِ رَاءٍ وَسُكُونِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، وَقِيلَ مُعْجَمَةٌ أَيْ أَثَرٌ وَلَطْخٌ (مِنْ حِنَّاءٍ) : فِي الْمُقَدِّمَةِ بِسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ صَبْغٌ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ طِينٌ كَثِيرٌ، وَفِي الْقَامُوسِ: الرَّدْعُ الزَّعْفَرَانُ أَوْ لَطْخٌ مِنْهُ، وَأَثَرُ الطِّيبِ فِي الْجَسَدِ، وَقَالَ فِي الْمُعْجَمَةِ الرَّدَغَةُ: مُحَرَّكَةٌ الْمَاءُ وَالطِّينُ وَالْوَحْلُ الشَّدِيدُ اهـ، فَالصَّوَابُ رِوَايَةُ الرَّدْعِ هُنَا بِالْمُهْمَلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute