للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعْنَاهَا، وَقِيلَ: التَّمَائِمُ خَرَزَاتٌ كَانَتِ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُعَلِّقُهَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ يَتَّقُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زَعْمِهِمْ، فَأَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَدْفَعُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى (وَعَزْلَ الْمَاءِ لِغَيْرِ مَحِلِّهِ) : اللَّامُ بِمَعْنَى " عَنْ " أَيْ إِخْرَاجَ الْمَنِيِّ عَنِ الْفَرَجِ وَإِرَاقَتَهُ خَارِجَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنًى لِغَيْرِ مَحِلِّهِ بِغَيْرِ الْإِمَاءِ، فَإِنَّ مَحِلَّ الْعَزْلِ الْإِمَاءُ دُونَ الْحَرَائِرِ، وَهُوَ فِي الْحُرَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ إِذْنِهَا، وَقِيلَ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِإِتْيَانِ الدُّبُرِ أَيْ صَبِّهِ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحِلُّ أَنْ يَصُبَّ فِيهِ، إِذْ مَحِلُّ الْمَاءِ فَرْجُ الْمَرْأَةِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: سَمِعْتُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ عَزْلَ الْمَاءِ عَنْ مَحِلِّهِ، وَهُوَ أَنْ يَعْزِلَ مَاءَهُ عَنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ مَحِلُّ الْمَاءِ، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ النَّسْلِ، وَالْمَكْرُوهُ مِنْهُ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَرَائِرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِنَّ، فَأَمَّا الْمَمَالِيكُ فَلَا بَأْسَ بِالْعَزْلِ عَنْهُنَّ، وَلَا إِذْنَ لَهُنَّ مَعَ أَرْبَابِهِنَّ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: يَرْجِعُ مَعْنَى الرِّوَايَتَيْنِ أَعْنِي إِثْبَاتَ لَفْظِ عَنْ وَغَيْرِهِ إِلَى مَعْنًى وَاحِدٍ ; لِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمَجْرُورَ فِي مَحِلِّهِ يَرْجِعُ إِلَى لَفْظِ الْمَاءِ، وَإِذَا رُوِيَ بِغَيْرِ مَحِلِّهِ يَرْجِعُ إِلَى لَفْظِ الْعَزْلِ (وَفَسَادَ الصَّبِيِّ) : وَهُوَ أَنْ يَطَأَ الْمَرْأَةَ الْمُرْضِعَ، فَإِذَا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبَنُهَا، وَكَانَ فِي ذَلِكَ فَسَادُ الصَّبِيِّ، ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَزَادَ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا تَحْمِلُ الْمَرْأَةُ فَيُخِلُّ بِالرَّضِيعِ وَبِقُوَّةِ اللَّبَنِ. (غَيْرَ مُحَرِّمِهِ) : بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ قَالَ الْقَاضِي: (غَيْرَ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَكْرَهُ أَيْ يَكْرَهُهُ غَيْرَ مُحَرِّمٍ إِيَّاهُ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ لِفَسَادِ الصَّبِيِّ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْأُصُولِ: يَعْنِي كُرْهَ جَمِيعِ هَذِهِ الْخِصَالِ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّحْرِيمِ. قَالَ الْأَشْرَفُ: (غَيْرَ مُحَرِّمِهِ) عَائِدٌ إِلَى فَسَادِ الصَّبِيِّ فَقَطْ ; فَإِنَّهُ أَقْرَبُ، وَإِلَّا فَالتَّخَتُّمُ بِالذَّهَبِ حَرَامٌ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ عَائِدًا إِلَى الْجَمِيعِ لَقَالَ مُحَرِّمِهَا اهـ.

وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ عُلَمَائِنَا، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْحَالَ قَيْدٌ لِلْفِعْلِ فَمَا أَمْكَنَ تَعَلُّقُهُ بِهِ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ خَصَّهُ الدَّلِيلُ الْخَارِجِيُّ. قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيُّ: فِي مِثْلِ هَذَا تَرْكُ الْعَمَلِ فِيهِ لِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ، وَلَمْ يُتْرَكْ فِي الْبَاقِي، وَأَمَّا امْتِنَاعُهُ بِقَوْلِهِ: لَوْ كَانَ عَائِدًا إِلَى الْجَمِيعِ لَقَالَ (مُحَرِّمِهَا) ، فَجَوَابُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْمُفْرَدَ وُضِعَ مَوْضِعَ اسْمِ الْإِشَارَةِ اهـ. وَمَآلُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمَذْكُورِ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْمَلَكِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) : وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ مُعَاوِيَةَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ النَّوْحِ وَالشِّعْرِ وَالتَّصَاوِيرِ وَجُلُودِ السِّبَاعِ وَالتَّبَرُّجِ وَالْغِنَاءِ وَالذَّهَبِ وَالْخَزِّ وَالْحَرِيرِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>