٤٤٢٢ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٤٤٢٢ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: وُقِّتَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّوْقِيتِ أَيْ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيَّنَ وَعَيَّنَ (لَنَا) : أَيْ لِأَجْلِنَا (فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لَا نَتْرُكَ) : أَيْ نَحْنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ (أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) : وَالْمَعْنَى أَنْ لَا نَتْرُكَ تَرْكًا يَتَجَاوَزُ أَرْبَعِينَ، لَا أَنَّهُ وُقِّتَ لَهُمُ التَّرْكُ أَرْبَعِينَ ; لِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنْ يُضْبَطَ الْحَلْقُ وَالتَّقْلِيمُ وَالْقَصُّ بِالطُّولِ، فَإِذَا طَالَ حَلَقَ وَقَصَّ وَقَلَّمَ، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْ أَظْفَارِهِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ» اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ حَلْقَ الْعَانَةِ وَنَتْفَ الْإِبِطِ كَانَ يُؤَخِّرُهُمَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِعَدَمِ إِطَالَتِهِمَا فِي أُسْبُوعٍ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْخُذُ أَظْفَارَهُ، وَيُحْفِي شَارِبَهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَيَحْلِقُ الْعَانَةَ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا، وَيَنْتِفُ الْإِبِطَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» ، وَفِي الْقِنْيَةِ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ وَيُحْفِيَ شَارِبَهُ وَيَحْلِقَ عَانَتَهُ وَيُنَظِّفَ بَدَنَهُ بِالِاغْتِسَالِ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا عُذْرَ فِي تَرْكِهِ وَرَاءَ الْأَرْبَعِينَ، فَالْأُسْبُوعُ هُوَ الْأَفْضَلُ، وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ هُوَ الْأَوْسَطُ، وَالْأَرْبَعُونَ هُوَ الْأَبْعَدُ، وَلَا عُذْرَ فِيمَا وَرَاءَ الْأَرْبَعِينَ، وَيَسْتَحِقُّ الْوَعِيدَ عِنْدَنَا. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
قَالَ الْمَظْهِرُ: وَقَدْ جَاءَ فِي تَوْقِيتِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَحَادِيثُ لَيْسَتْ فِي الْمَصَابِيحِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُصُّ شَارِبَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْ أَظْفَارِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ» ، وَقِيلَ: كَانَ يَحْلِقُ الْعَانَةَ وَيَنْتِفُ الْإِبِطَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ فِي كُلِّ شَهْرٍ اهـ. وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ كَمَا لَا يَخْفَى. قَالَ قَاضِيخَانْ: رَجُلٌ وَقَّتَ لِقَلْمِ أَظَافِيرِهِ وَحَلْقِ رَأْسِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالُوا: إِنْ كَانَ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَأَخَّرَهُ إِلَى يَوْمِهَا تَأْخِيرًا فَاحِشًا كَانَ مَكْرُوهًا ; لِأَنَّ مَنْ كَانَ ظُفْرُهُ طَوِيلًا كَانَ رِزْقُهُ ضَيِّقًا، فَإِنْ لَمْ يُجَاوِزِ الْحَدَّ وَأَخَّرَهُ تَبَرُّكًا بِالْأَخْبَارِ، فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ مَرْفُوعًا: " «مَنْ قَلَّمَ أَظَافِيرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنَ الْبَلَايَا إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» " اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذِكْرَ حَلْقِ الرَّأْسِ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، فَإِنَّهُ لَا تَعْيِينَ لَهُ بِلَا كَلَامٍ، وَالصَّوَابُ فِي عِلَّةِ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِ قَلْمِ الظُّفْرِ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ لَا التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ يُوجِبُ تَضْيِيقُ الرِّزْقِ، مَعَ أَنَّهُ إِنْ صَحَّ فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى تِلْكَ الْمُخَالَفَةِ، لَا أَنَّهُ أَصْلٌ فِي التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute