٤٥٥٦ - وَعَنْ عِيسَى بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمٍ وَبِهِ حُمْرَةٌ، فَقُلْتُ: أَلَا تُعَلِّقُ تَمِيمَةً؟ فَقَالَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٤٥٥٦ - (وَعَنْ عِيسَى بْنِ حَمْزَةَ) : قِيلَ صَوَابُهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى إِذْ لَيْسَ فِي كُتُبِ أَسْمَاءِ السِّتَّةِ عِيسَى بْنُ حَمْزَةَ اهـ. وَالْأَظْهَرُ أَوْ يُقَالُ: صَوَابُهُ عِيسَى بْنُ يُونُسَ بْنِ إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ مِنْ رِجَالِ الْمِشْكَاةُ دُونَ الْأَوَّلِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، فِي فَصْلِ التَّابِعِينَ. وَقَالَ: هُوَ أَحَدُ الْأَعْلَامِ فِي الْحِفْظِ وَالْعِبَادَةِ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ وَالْأَعْمَشِ وَخَلْقٍ سِوَاهُمَا، وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ مَعَ جَلَالَتِهِ وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ يَحُجُّ سَنَةً وَيَغْزُو سَنَةً، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ. (قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمٍ) : بِالتَّصْغِيرِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: جُهَنِيٌّ أَدْرَكَ زَمَنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يُعْرَفُ لَهُ رُؤْيَةٌ وَلَا رِوَايَةَ، وَقَدْ خَرَّجَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي فِي عِدَادِ الصَّحَابَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَابِعِيٌّ، سَمِعَ عُمَرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. (وَبِهِ) : أَيْ: بِعَبْدِ اللَّهِ وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ (حُمْرَةٌ) : أَيْ: مِمَّا يَعْلُو الْوَجْهَ وَالْجَسَدَ (فَقُلْتُ: أَلَا تُعَلِّقْ تَمِيمَةً؟ فَقَالَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ) : وَسَبَبُهُ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الشِّرْكِ كَمَا سَبَقَ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا عَاذَ بِاللَّهِ مِنْ تَعْلِيقِ الْعُوذَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُتَوَكِّلِينَ، وَإِنْ جَازَ لِغَيْرِهِ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا) : أَيْ: مَنْ جَعَلَ شَيْئًا مُعَلَّقًا عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي النِّهَايَةِ: مَنْ عَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ التَّعَاوِيذِ وَالتَّمَائِمِ وَأَشْبَاهِهِمَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا تَجْلِبُ نَفْعًا أَوْ تَدْفَعُ عَنْهُ ضُرًّا. (وُكِلَ إِلَيْهِ) : بِضَمِّ وَاوٍ تَخْفِيفُ كَافٍ مَكْسُورَةٍ أَيْ: خُلِّيَ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ وَتُرِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. قَالَ الْمُظْهِرُ: وَغَيْرُهُ أَيْ مَنْ تَمَسَّكَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُدَاوَاةِ، وَاعْتَقَدَ أَنَّ الشِّفَاءَ مِنْهُ لَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَشْفِهِ اللَّهُ، بَلْ وَكَّلَ شِفَاءَهُ إِلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَحْصُلُ شِفَاؤُهُ، لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ.
وَقَرَّرَهُ الطِّيبِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمَلَكِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَاعْتَقَدَ أَنَّ الشِّفَاءَ مِنْهُ لَا مِنَ اللَّهِ اعْتِقَادُ كُفْرٍ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي مِثْلِهِ لَا يُقَالُ وُكِلَ إِلَيْهِ، بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودٍ مِنَ الشِّفَاءِ وَتَرْكِ إِعَانَتِهِ تَعَالَى فِي دَفْعِ الدَّاءِ وَالْعَنَاءِ، وَنَظِيرُهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنِ ابْتَغَى الْقَضَاءَ وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاءَ وُكِلَ إِلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ» " وَقَدْ قَالَ: إِنَّ شَيْئًا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ مَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى وُكِلَ إِلَيْهِ وَجُعِلَ أَمْرُهُ لَدَيْهِ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ أَمْرَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَأَغْنَاهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا سِوَاهُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : أَيْ: مُرْسَلًا عَلَى الصَّحِيحِ لِمَا سَبَقَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ، لِأَنَّ الْمُرْسَلَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَيُقَوِّيهِ أَنَّهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute