٤٥٦٠ - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تُسْرِعُ إِلَيْهِمُ الْعَيْنُ، أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ قَالَ: " نَعَمْ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقُ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
ــ
٤٥٦٠ - (وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا) . بِالتَّصْغِيرِ وَمَرَّ قَرِيبًا تَرْجَمَتُهَا. (قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ) : بِضَمِّ وَاوٍ فَسُكُونِ لَامٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِهَا أَيْ: أَوْلَادُ جَعْفَرٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (تُسْرِعُ) : بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتُفْتَحُ أَيْ تَعْجَلُ (إِلَيْهِمُ الْعَيْنُ) وَتُؤَثِّرُ فِيهِمْ سَرِيعًا لِكَمَالِ حُسْنِهِمُ الصُّورِيِّ وَالْمَعْنَوِيِّ، وَالْعَيْنُ نَظَرٌ بِالِاسْتِحْسَانِ مَشُوبٌ بِحَسَدٍ مِنْ خَبِيثِ الطَّبْعِ يَحْصُلُ لِلْمَنْظُورِ فِيهِ ضَرَرٌ، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مِنْ سُمٍّ يَصِلُ مِنْ عَيْنِ الْعَائِنِ فِي الْهَوَاءِ إِلَى بَدَنِ الْمَعْيُونِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَائِضَ تَضَعُ يَدَهَا فِي إِنَاءِ اللَّبَنِ فَيَفْسَدُ، وَلَوْ وَضَعَتْهَا بَعْدَ طُهْرِهَا لَمْ يَفْسَدْ. قُلْتُ: وَضِدُّ هَذَا الْعَيْنُ نَظَرُ الْعَارِفِينَ الْوَاصِلِينَ إِلَى مَرْتَبَةِ الرَّافِعِينَ مِنَ الْبَيْنِ حِجَابَ الْعَيْنِ، فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ التَّأْثِيرِ الْإِكْسِيرُ يَجْعَلُ الْكَافِرَ مُؤْمِنًا، وَالْفَاسِقَ صَالِحًا، وَالْجَاهِلَ عَالِمًا، وَالْكَلْبَ إِنْسَانًا، وَهَذَا كُلُّهُ لِأَنَّهُمْ مَنْظُرُونَ بِنَظَرِ الْجَمَالِ وَالْأَغْيَارِ تَحْتَ أَسْتَارِ نَظَرِ الْجَلَالِ، وَمَا أَحْسَنَ مَنْ قَالَ مِنْ أَرْبَابِ الْحَالِ: لَوْ كَانَ لِإِبْلِيسَ سَعَادَةٌ أَزَلِيَّةٌ دُونَ الشَّقَاوَةِ الْأَبَدِيَّةِ لَمَا قَالَ: أَنْظِرْنِي، بَلْ قَالَ: أَنْظِرْ إِلَيَّ أَوْ أَرِنِي أَنْظُرُ إِلَيْكَ، لَكِنْ كُلُّهُ بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ، تَحَيَّرَ فِيهِ عُقُولُ أَرْبَابِ الْفُحُولِ وَتَطَمْئِنُ قُلُوبُهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: ٢٣] ، وَإِنَّمَا طَارَ عَقْلِي فِيمَا ذَكَرْتُ مِنْ نَقْلِي لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ الطَّيَّارِ أَخِي الْكَّرَّارِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْأَسْرَارِ.
(أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟) : أَيْ أَطْلُبُ الرُّقْيَةَ أَوْ مَنْ يَرْقِي لَهُمْ (قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّهُ) : تَعْلِيلٌ لِلْجَوَابِ، وَمَعْنَاهُ نَعَمِ اسْتَرْقِي عَنِ الْعَيْنِ، فَإِنَّهَا أَوْلَى وَأَحْرَى بِأَنْ تُسْتَرْقَى لِأَنَّهُ (لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ) . وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ، فَيَجُوزُ الِاسْتِرْقَاءُ عَنْهُ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) . وَقَدْ سَبَقَ الْمَرْفُوعُ مِنَ الْحَدِيثِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَزَادَ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا ". وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْغُسْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute