٤٥٧٢ - وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ عَلَى هَامَتِهِ مِنَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ. قَالَ مَعْمَرٌ: فَاحْتَجَمْتُ أَنَا مِنْ غَيْرِ سُمٍّ كَذَلِكَ فِي يَافُوخِي، فَذَهَبَ حُسْنُ الْحِفْظِ عَنِّي، حَتَّى كُنْتُ أُلَقَّنُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ» . رَوَاهُ رَزِينٌ.
ــ
٤٥٧٢ - (وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ) : بِفَتْحِ كَافٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ فَمُعْجَمَةٍ الْأَنْمَارِيِّ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ قَرِيبًا (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَجَمَ عَلَى هَامَتِهِ) : بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ وَسَطُ رَأْسِهِ (مِنَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ) . أَيْ مِنْ أَجْلِ أَكْلِهَا وَتَأْثِيرِ سُمِّهَا، وَاسْتِمْرَارِ بَعْضِ أَثَرِهِ بَعْدَ الْحِجَامَةِ وَعَوْدِهِ فِيهِ كُلِّ سَنَةٍ إِلَى أَنْ قَالَ حِينَ قَرُبَ مَوْتُهُ: " الْآنَ انْقَطَعَ أَبْهَرِي " جَمْعًا لَهُ بَيْنَ السَّعَادَةِ وَالشَّهَادَةِ، وَالْعَجَبُ مِنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْجَزَرِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ فِي الْحِصْنِ، «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الصَّحَابَةَ فِي الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ الَّتِي أَهْدَتْهَا إِلَيْهِ الْيَهُودِيَّةُ أَنِ اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ وَكُلُوا فَأَكَلُوا، فَلَمْ يُصِبْ أَحَدًا مِنْهُمْ شَيْءٌ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَكَذَا نَقَلَ صَاحِبُ السِّرَاجِ. قَالَ مِيرَكُ: وَلِي فِيهِ تَأْمُلٌ إِذِ الْمَشْهُورُ بَيْنَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَأَرْبَابِ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً وَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِحْرَاقِ تِلْكَ الشَّاةِ أَوْ دَفْنِهَا تَحْتَ التُّرَابِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِ الْيَهُودِيَّةِ أَوْ عَفَا عَنْهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَفَا عَنْهَا لِأَجْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَرَ بِقَتْلِهَا لِأَجْلِ قِصَاصِ ابْنِ الْبَرَاءِ، وَأَظُنُّ أَنَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَهْمًا شَدِيدًا وَنَكَارَةً ظَاهِرَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَقُولُ: إِنْ كَانَتْ رِوَايَةُ الْحَاكِمِ صَحَّتْ فَلَعَلَّ الْقَضِيَّةَ تَعَدَّدَتْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَالَ مَعْمَرٌ) : أَيِ ابْنُ رَاشِدٍ يُكْنَى أَبَا عُرْوَةَ الْأَزْدِيَّ، مَوْلَاهُمْ عَالِمُ الْيَمَنِ. رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهَمَّامٍ، وَعَنْهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: سَمِعْتُ مِنْهُ عَشَرَةَ آلَافٍ، مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ التَّابِعِينَ. (فَاحْتَجَمْتُ أَنَا) : زِيدَ الضَّمِيرُ لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ (مِنْ غَيْرِ سُمٍّ كَذَلِكَ) : أَيْ مِثْلُ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَالَغَةً فِي الْمُتَابَعَةِ، أَوْ ظَنًّا أَنَّ حِجَامَةَ الْهَامَةِ نَافِعَةٌ لِغَيْرِ السُّمِّ أَيْضًا فَاحْتَجَمْتُ (فِي يَافُوخِي) أَيْ وَسَطُ رَأْسِي (فَذَهَبَ حُسْنُ الْحِفْظِ عَنِّي، حَتَّى كُنْتُ) : أَيْ مُدَّةً (أُلَقَّنُ) : بِضَمِّ هَمْزٍ وَتَشْدِيدِ قَافٍ مَضْمُومَةٍ أَيْ يُفْتَحُ (فَاتِحَةَ الْكِتَابِ) : أَيْ: فِي بَعْضِ كَلِمَاتِ الْفَاتِحَةِ (فِي الصَّلَاةِ) . وَظَاهِرُ سِيَاقِ كَلَامِهِ أَنَّهُ حَدَثَ لَهُ أَيَّامًا، ثُمَّ ارْتَفَعَ عَنْهُ، وَلَعَلَّ السَّبَبَ كَثْرَةُ أَخْذِ الدَّمِ وَاحْتِجَامِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ أَوْ زَمَانِهِ أَوْ أَوَانِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِلَّا فَقَدَ جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَلَى مَا رَوَاهُ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مَرْفُوعًا " «الْحِجَامَةُ فِي الرَّأْسِ شِفَاءٌ مِنْ سَبْعٍ إِذَا مَا نَوَى صَاحِبُهَا مِنَ الْجُنُونِ وَالصُّدَاعِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالنُّعَاسِ وَوَجَعِ الضِّرْسِ وَظُلْمَةٍ يَجِدُهَا فِي عَيْنَيْهِ» . وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " «الْحِجَامَةُ تَنْفَعُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ أَلَا فَاحْتَجِمُوا» " وَسَيَأْتِي أَنَّ الْحِجَامَةَ عَلَى الرِّيقِ تَزِيدُ فِي الْحِفْظِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: الْحِجَامَةُ فِي الرَّأْسِ هِيَ الْمَعْنِيَّةُ، أَمَرَنِي بِهَا جِبْرِيلُ حِينَ أَكَلْتُ طَعَامَ الْيَهُودِيَّةِ. (رَوَاهُ رَزِينٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute