٤٥٨٠ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا غُولَ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٤٥٨٠ - (وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا غُولَ) . بِالضَّمِّ قَالَ شَارِحٌ: الْغَوْلُ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَمَعْنَاهُ الْبُعْدُ وَالْأِهْلَاكُ، وَبِضَمِّ الْغَيْنِ الِاسْمُ مِنْهُ وَهُوَ مِنَ السَّعَالِي، وَفِي النِّهَايَةِ: أَنَّ الْغُولَ أَحَدُ الْغِيلَانِ وَهِيَ جِنْسٌ مِنَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ، كَانَتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ الْغُولَ فِي الْفَلَاةِ تَتَرَاءَى لِلنَّاسِ أَيْ: فَتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلًا أَيْ تَتَلَوَّنُ فِي صُوَرٍ شَتَّى، وَتَغُولُهُمْ أَيْ تُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ وَتُهْلِكُهُمْ، فَنَفَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ قَوْلُهُ: " لَا غُولَ " لَيْسَ نَفْيًا لِعَيْنِ الْغُولِ وَوُجُودِهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ إِبْطَالُ زَعْمِ الْعَرَبِ فِي تَلَوُّنِهِ بِالصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ وَاغْتِيَالِهِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: لَا غُولَ أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَضِلَّ أَحَدًا، وَيَشْهَدُ لَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: " لَا غُولَ وَلَكِنَّ السَّعَالِي " وَالسَّعَالِي سَحَرَةُ الْجِنِّ أَيْ: وَلَكِنْ فِي الْجِنَّةِ سَحَرَةٌ لَهُمْ تَلْبِيسٌ وَتَخَيُّلٌ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: " «إِذَا تَغَوَّلَتِ الْغِيلَانُ فَبَادِرُوا بِالْأَذَانِ» " أَيِ ادْفَعُوا شَرَّهَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِهَا لَا عَدَمِهَا، وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ: كَانَ لِي ثَمَرَةٌ فِي سَهْوَةٍ، فَكَانَتِ الْغُولُ تَجِيءُ فَتَأْخُذُهُ، وَفِي شَرْحِ التُّورِبِشْتِيِّ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْغُولَ قَدْ كَانَ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ: هَذَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَظِيرُهُ مَنْعُ الشَّيَاطِينَ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ بِالشِّهَابِ الثَّاقِبِ. قُلْتُ: ثَبِّتِ الْعَرْشَ، ثُمَّ انْقُشْ، فَإِنَّ الْأَمْرَ لَا يَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ وَلَا بِالِاحْتِمَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute