للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

٤٥٩٨ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

٤٥٩٨ - (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اقْتَبَسَ) أَيْ: أَخَذَ وَحَصَلَ وَتَعَلَّمَ (عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ) أَيْ: عِلْمٌ مِنْ عُلُومِهَا أَوْ مَسْأَلَةٌ مِنْ عِلْمِهَا. (اقْتَبَسَ شُعْبَةً) أَيْ: قِطْعَةٌ (مِنَ السِّحْرِ زَادَ) أَيِ: الْمُقْتَبِسُ مِنَ السِّحْرِ (مَا زَادَ) أَيْ: مُدَّةَ زِيَادَتِهِ مِنَ النُّجُومِ، فَمَا بِمَعْنَى مَا دَامَ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَ شَارِحٌ حَيْثُ قَالَ أَيْ: زَادَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْهُ فِي حَقِّ عِلْمِ النُّجُومِ، كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ: زَادَ اقْتِبَاسَ شُعْبَةِ السِّحْرِ مَا زَادَ اقْتِبَاسَ عِلْمِ النُّجُومِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: نَكَّرَ " عِلْمًا " لِلتَّقْلِيلِ، وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ الِاقْتِبَاسَ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْقِلَّةِ، وَمِنَ النُّجُومِ صِفَةُ عِلْمًا وَفِيهِ مُبَالَغَةٌ. وَفَاعِلُ زَادَ الشُّعْبَةُ، ذَكَّرَهَا بِاعْتِبَارِ السِّحْرِ، وَزَادَ مَا زَادَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيرِ وَالتَّأْنِيبِ، أَيْ: يَزِيدُ السِّحْرُ مَا يَزِيدُ الِاقْتِبَاسُ، فَوَضَعَ الْمَاضِيَ مَوْضِعَ الْمُضَارِعِ لِلتَّحْقِيقِ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: الْمَنْهِيُّ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ مَا يَدَّعِيهِ أَهْلُهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ، وَرُبَّمَا تَقَعُ فِي مُسْتَقْبَلِ الزَّمَانِ مِثْلَ إِخْبَارِهِمْ بِوَقْتِ هُبُوبِ الرِّيَاحِ، وَمَجِيءِ مَاءِ الْمَطَرِ، وَوُقُوعِ الثَّلْجِ، وَظُهُورِ الْحَرِّ وَالْبَرَدِ، وَتَغْيِيرِ الْأَسْعَارِ وَنَحْوِهَا. وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَدْرِكُونَ مَعْرِفَتَهَا بِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ، وَاجْتِمَاعِهَا وَافْتِرَاقِهَا، وَهَذَا عِلْمٌ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ} [لقمان: ٣٤] ، فَأَمَّا مَا يُدْرَكُ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ الزَّوَالُ وِجْهَةَ الْقِبْلَةِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا نَهَى عَنْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: ٩٧] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: ١٦] ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ النُّجُومَ طُرُقٌ لِمَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ وَالْمَسَالِكِ، وَلَوْلَاهَا لَمْ يَهْتَدِ النَّاسُ إِلَى اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ. رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: تَعْلَّمُوا مِنَ النُّجُومِ مَا تَعْرِفُونَ بِهِ الْقِبْلَةَ وَالطَّرِيقَ، ثُمَّ أَمْسِكُوا. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>