للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٠٣ - وَعَنِ الرَّبِيعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُهُ، وَزَادَ: وَاللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي نَجْمٍ حَيَاةَ أَحَدٍ، وَلَا رِزْقَهُ، وَلَا مَوْتَهُ، وَإِنَّمَا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَيَتَعَلَّلُونَ بِالنُّجُومِ.

ــ

٤٦٠٣ - (وَعَنِ الرَّبِيعِ) أَيِ: ابْنِ زِيَادٍ، يَرْوِي عَنْ عُمَرَ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَيَرْوِي عَنْهُ قَتَادَةُ وَأَبُو نَضْرَةَ، كَذَا قِيلَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ. (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ قَتَادَةَ (وَزَادَ) أَيِ: الرَّبِيعُ عَلَى مَا سَبَقَ (وَاللَّهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي نَجْمٍ حَيَاةَ أَحَدٍ) أَيْ: وِلَادَتَهُ أَوْ طُولَ بَقَائِهِ. (وَلَا رِزْقَهُ) أَيْ: مَالًا وَلَا جَاهًا (وَلَا مَوْتَهُ، وَإِنَّمَا يَفْتَرُونَ) أَيِ: الْمُنَجِّمُونَ (عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَيَتَعَلَّلُونَ بِالنُّجُومِ) أَيْ: وَيَجْعَلُونَ طُلُوعَ نَجْمٍ مَثَلًا عِلَّةً لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ، أَوِ الْمَعْنَى: يَتَسَتَّرُونَ فِي كَذِبِهِمْ بِتَعَلُّقِهِمْ بِالنُّجُومِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الْكَرِيمِ بْنَ هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِمَفَاتِيحِ الْحُجَجِ فِي إِبْطَالِ مَذْهَبِ الْمُنَجِّمِينَ، أَطْنَبَ فِيهِ وَذَكَرَ أَقْوَالَهُمْ. قَالَ: وَأَقْرَبُهَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْحَوَادِثَ يُحْدِثُهَا اللَّهُ تَعَالَى ابْتِدَاءً بِقُدْرَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، وَلَكِنْ أَجْرَى الْعَادَةَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَخْلُقُهَا عِنْدَ كَوْنِ هَذِهِ الْكَوَاكِبِ فِي الْبُرُوجِ الْمَخْصُوصَةِ، وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ سَيْرِهَا وَاتِّصَالَاتِهَا وَمَطَارِحِ أَشِعَّتِهَا فِي جِهَةِ الْعَادَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا أَجْرَى الْعَادَةَ بِخَلْقِ الْوَلَدِ عَقِيبَ الْوَطْءِ وَخَلْقِ الشَّبَعِ عَقِيبَ الْأَكْلِ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا فِي الْقُدْرَةِ جَائِزٌ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَلَا الْقَطْعُ بِهِ سَبِيلٌ ; لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَى جِهَةِ الْعَادَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ فِيهِ مُسْتَمِرًّا، وَأَقَلُّ مَا فِيهِ أَنْ يَحْصُلَ التَّكْرَارُ، وَعِنْدَهُمْ لَا يَحْصُلُ التَّكْرَارُ، وَعِنْدَهُمْ لَا يَحْصُلُ وَقْتٌ فِي الْعَالَمِ مُكَرَّرٌ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي سَنَةٍ: الشَّمْسُ مَثَلًا فِي دَرَجَتِهِ مِنْ بُرْجٍ، فَإِذَا عَادَتْ إِلَيْهَا فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى، فَالْكَوَاكِبُ لَا يَتَّفِقُ كَوْنُهَا فِي بُرُوجِهَا كَمَا كَانَتْ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ، وَالْأَحْكَامُ تَخْتَلِفُ بِالْقَرَائِنِ وَالْمُقَابَلَاتِ، وَنَظَرُ الْكَوَاكِبِ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَلَا يَحْصُلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مُكَرَّرًا، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى الْأَحْكَامِ، وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ عَلَى الْبَتِّ لِتَعَذُّرِ الْإِحَاطَةِ بِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي قَوْلِهِمْ: إِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي حُكْمِ الزِّيجِ، فَلِأَهْلِ هِنْدٍ وَسِنْدٍ طَرِيقٌ يُخَالِفُ طَرِيقَ أَرْبَابِ الزِّيجِ الْمُمْتَحِنِ، وَفَصَّلَ الشَّيْخُ فِي الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمْ تَفْصِيلًا، ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ: أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنْ مَوْلُودَيْنِ وُلِدَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَيْسَ يَجِبُ تَسَاوِيهِمَا فِي كُلِّ وَجْهٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>