٣٤٠ - وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ، وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ، فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ» ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٣٤٠ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ) : قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ فَارِسُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ: بَلْ مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ شَهِدَ مَعَهُ الْمُشَاهِدَ كُلَّهَا، وَهُوَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَهُوَ مِمَّنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ كُنْيَتُهُ، وَرِبْعِيٌّ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ» ) : بِالْجَزْمِ وَلَا نَاهِيَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَرُوِيَ بِالضَّمِّ فِيهَا عَلَى أَنَّ لَا نَافِيَةٌ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ نَقَلَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَالْمَعْنَى لَا يُخْرِجْ نَفَسَهُ (فِي الْإِنَاءِ) : أَيْ فِي دَاخِلِهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَعَلَّ عِلَّةَ النَّهْيِ تَغَيُّرُ مَا فِي الْإِنَاءِ اهـ. يَعْنِي لِئَلَّا يُقِلَّ بُرُودَةَ الْمَاءِ الْكَاسِرَةِ لِلْعَطَشِ بِحَرَارَةِ النَّفَسِ أَوْ كَرَاهَةَ أَنْ يَنْحَدِرَ قَذَرَةٌ مِنْ نَفَسِهِ، بَلْ إِذَا أَرَادَ التَّنَفُّسَ فَلْيَرْفَعْ فَمَهُ عَنِ الْإِنَاءِ فَيَتَنَفَّسُ ثُمَّ يَشْرَبُ وَقَدْ وَرَدَ: " «مُصُّوا الْمَاءَ مَصًّا وَلَا تَعِبُّوهُ عَبًّا» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَنَسٍ، وَفِي النِّهَايَةِ الْعَبُّ: الشُّرْبُ بِلَا تَنَفُّسٍ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: الشُّرْبُ بِثَلَاثِ دُفْعَاتٍ أَقْمَعُ لِلْعَطَشِ وَأَقْوَى عَلَى الْهَضْمِ وَأَقَلُّ أَثَرًا فِي بَرْدِ الْمَعِدَةِ وَإِضْعَافِ الْأَعْصَابِ، وَفِي الشَّمَائِلِ لِلتِّرْمِذِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا إِذَا شَرِبَ وَيَقُولُ: هُوَ أَمْرَأُ وَأَرْوَى» ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنْ يَشْرَبَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ ذَلِكَ يُبِينُ الْإِنَاءَ عَنْ فِيهِ فَيَتَنَفَّسُ ثُمَّ يَعُودُ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ التَّنَفُّسُ فِي الْإِنَاءِ بِلَا إِبَانَةٍ أَوْ بِلَا تَنَفُّسٍ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الشَّرَهِ وَالْحِرْصِ وَالْغَفْلَةِ، وَلِذَا وَرَدَ: «لَا تَشْرَبُوا وَاحِدًا كَشُرْبِ الْبَعِيرِ، وَلَكِنِ اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلَاثَ» ، وَوَرَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَشْرَبُ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ إِذَا أَدْنَى الْإِنَاءَ إِلَى فِيهِ سَمَّى اللَّهَ، وَإِذَا أَخَّرَهُ حَمِدَ اللَّهَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا» أَيْ غَالِبًا، إِذْ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا شَرِبَ تَنَفَّسَ مَرَّتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّهُ إِنْ رُوِيَ بِنَفَسَيْنِ وَاكْتُفِيَ بِهِمَا وَإِلَّا فَبِثَلَاثٍ (وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ، فَلَا يَمَسَّ) : بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَيَجُوزُ رَفْعُهُ (ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَمَسَّحْ) : بِالسُّكُونِ وَضَمِّهَا (بِيَمِينِهِ) : أَيْ: لَا يَسْتَنْجِي لَهُمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: «إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَأْخُذْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ» ، ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ فَإِنْ أَخَذَهُ بِشِمَالِهِ وَالذَّكَرُ بِيَمِينِهِ فَقَدْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِهَا وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ؟ قُلْنَا: طَرِيقُهُ أَنْ يَأْخُذَ الذَّكَرَ بِشِمَالِهِ وَيَمْسَحَهُ عَلَى جِدَارٍ أَوْ حَجَرٍ كَبِيرٍ بِحَيْثُ لَا يَسْتَعْمِلُ يَمِينَهُ فِي ذَلِكَ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُظْهِرِ وَالْأَشْرَفِيِّ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيُنَحِّ الْإِنَاءَ ثُمَّ لْيَعُدْ إِنْ كَانَ يُرِيدُ» . وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الطِّبِّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي حُسَيْنٍ مُرْسَلًا ( «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمُصَّ مَصًّا وَلَا يَعِبَّ عَبًّا فَإِنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ» ) وَفِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute