للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَقُولُونَ: نَعِمَكَ اللَّهُ عَيْنًا، وَأَمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا فَالْبَاءُ فِيهِ زَائِدَةٌ ; لِأَنَّ الْهَمْزَةَ كَافِيَةٌ فِي التَّعْدِيَةِ. تَقُولُ: نَعِمَ زَيْدٌ عَيْنًا وَأَنْعَمَهُ اللَّهُ عَيْنًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَنْعَمَ إِذَا دَخَلَ فِي النَّعِيمِ فَيُعَدَّى بِالْبَاءِ، قَالَ: وَلَعَلَّ مُطَرِّفًا خُيِّلَ إِلَيْهِ أَنَّ انْتِصَابَ التَّمْيِيزِ فِي هَذَا الْكَلَامِ عَنِ الْفَاعِلِ فَاسْتَعْظَمَهُ، تَعَالَى اللَّهُ أَنْ يُوصَفَ بِالْحَوَاسِّ عُلُوًّا كَبِيرًا، كَمَا يَقُولُونَ: نَعِمْتَ بِهَذَا الْأَمْرِ عَيْنًا، وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ فَحَسْبَ أَنَّ الْأَمْرَ فِي نَعِمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا، كَذَلِكَ قَالَ الطِّيبِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْبَاءُ سَبَبِيَّةً، وَعَيْنًا مَفْعُولَ أَنْعَمَ، وَالتَّنْوِينُ لِلتَّفْخِيمِ، أَيْ: أَنْعَمَ اللَّهُ بِسَبَبِكَ عَيْنًا، وَأَيُّ عَيْنٍ عَيْنُ مَنْ يُحِبُّكَ؟ فَيَكُونُ كِنَايَةً عَنْ خَفْضِ عِيشَةٍ وَرَفَاهِيَةٍ لَا يَحُومُ حَوْلَهَا خُشُونَةٌ، وَقَوْلُهُ: (وَأَنْعَمَ صَبَاحًا) . مَعْنَاهُ طَابَ عَيْشُكَ فِي الصَّبَاحِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّبَاحَ بِهِ ; لِأَنَّ الْغَارَاتِ وَالْمَكَارِهَ تَقَعُ صَبَاحًا. وَقَالَ شَارِحٌ مِنْ عُلَمَائِنَا: قِيلَ مَعْنَاهُ: طَابَ عَيْشُكَ فِي الصَّبَاحِ، وَالصَّوَابُ أَطَابَ اللَّهُ عَيْشَكَ فِي الصَّبَاحِ، أَوْ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ مِنَ الْفَاعِلِ. (فَلَمَّا كَانَ) أَيْ: وُجِدَ (الْإِسْلَامُ) : وَوَقَعَ أَحْكَامُهُ عَلَى وَجْهِ الْإِحْكَامِ (نُهِينَا عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: عَمَّا ذُكِرَ مِنَ الْأَقْوَالِ ابْتِدَاءً بِوَضْعِهَا مَوْضِعَ السَّلَامِ، فَلَا مَحْذُورَ أَنْ بَدَأَ بِالسَّلَامِ، ثُمَّ ثَنَّاهُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكَلَامِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>