للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَقَالَ) أَيْ: مُنْكِرًا عَلَيَّ (أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟) الْقِعْدَةُ بِالْكَسْرِ لِلنَّوْعِ وَالْهَيْئَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَ فِعْلِهِ أَيْضًا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْإِنْكَارُ، وَكَذَا وَضْعُ الْيَدَيْنِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ مُتَّكِئًا عَلَيْهِمَا مِنْ قِعْدَةِ الْمُتَكَبِّرِينَ، لَكِنْ فِي أَخْذِهِ مِنَ الْحَدِيثِ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْمُرَادُ بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ، وَفِي التَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الْقِعْدَةَ مِمَّا يَبْغَضُهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْأُخْرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَنِبَ التَّشَبُّهَ بِمَنْ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ اهـ. وَفِي كَوْنِ الْيَهُودِ هُمُ الْمُرَادَ مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ هُنَا مَحَلُّ بِحْثٍ، وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا شِعَارَهُمْ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُرَادَ بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ أَعَمُّ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ الْمُتَكَبِّرِينَ الْمُتَجَبِّرِينَ مِمَّنْ تَظْهَرُ آثَارُ الْعُجْبِ وَالْكِبْرِ عَلَيْهِمْ مِنْ قُعُودِهِمْ وَمَشْيِهِمْ وَنَحْوِهِمَا. نَعَمْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ: أَنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ هُمُ الْيَهُودُ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَهُ فِي أَوَّلِ شَرْحِ حِزْبِ الْفَتْحِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>