٤٧٨٧ - «وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا فَقَالَ: " هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: " هِيهِ " فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا. فَقَالَ: " هِيهِ " ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ: " هِيهِ " حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٤٧٨٧ - (وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) : سَبَقَ ذِكْرُهُمَا (عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَدِفْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ: رَكِبْتُ خَلْفَهُ، وَرِوَايَةُ الشَّمَائِلِ: كُنْتُ رَدِيفَهُ يَوْمًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ قُرْبِهِ وَيُشْعِرُ إِلَى كَمَالِ حِفْظِهِ (قَالَ: " هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ) : بِالتَّصْغِيرِ (ابْنِ أَبِي الصَّلْتِ) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (شَيْءٌ) : بَيَانُهُ مُقَدَّمٌ. قَالَ شَارِحٌ: وَإِنَّمَا اسْتَنْشَدَ شِعْرَ أُمَيَّةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ثَقَفِيًّا، أَدْرَكَ مَبَادِئَ الْإِسْلَامِ وَبَلَغَهُ خَبَرُ الْمَبْعَثِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُوَفَّقْ لِلْإِيمَانِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ مِيرَكُ: كَانَ رَجُلًا مُتَرَهِّبًا غَوَّاصًا فِي الْمَعَانِي مُعْتَنِيًا بِالْحَقَائِقِ مُضَمِّنًا لَهَا فِي أَشْعَارِهِ؛ وَلِذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَأْنِهِ: " كَادَ أَنْ يُسْلِمَ " وَفِي خَبَرٍ آخَرَ: آمَنَ لِسَانُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ. (قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: هِيهِ) : بِكَسْرِ هَاءَيْنِ وَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ بَيْنَهُمَا أَيْ: هَاتِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هُوَ بِمَعْنَى إِيهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فَأُبْدِلَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً، وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى الْأَمْرِ أَيْ: تَكَلَّمْ وَقَدْ يُنَوَّنُ فَتْحًا وَكَسْرًا لِلتَّنْكِيرِ أَيْ: حَدِّثْ حَدِيثًا (فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا) أَيْ: قَرَأْتُ لَهُ بَيْتًا مِنْ أَشْعَارِ أُمَيَّةَ فَأَعْجَبَهُ (فَقَالَ: هِيهِ) أَيْ: زِدْ. فِي النِّهَايَةِ: تَقُولُ لِلرَّجُلِ إِيهِ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ إِذَا اسْتَزَدْتَهُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَعْهُودِ بَيْنَكُمَا، فَإِنْ نَوَّنْتَهُ اسْتَزَدْتَهُ مِنْ حَدِيثٍ مَا غَيْرِ مَعْهُودٍ لِلتَّنْكِيرِ. (ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا. فَقَالَ: هِيهِ، حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ) : وَالْغَرَضُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَحْسَنَ شَعْرَ أُمَيَّةَ وَاسْتَزَادَ مِنْ إِنْشَادِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْبَعْثِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنْ أَرْبَابِ الْحَالِ: انْظُرْ إِلَى مَا قَالَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ قَالَ، وَيُوَافِقُ حَدِيثَ: «الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ» ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِنْشَادِ الشِّعْرِ الْمَحْمُودِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْحِكْمَةِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute