٤٧٨٩ - وَعَنِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ: " اهْجُ الْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ " وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِحَسَّانَ: " أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٤٧٨٩ - (وَعَنِ الْبَرَاءِ) أَيِ: ابْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ قُرَيْظَةَ) أَيْ: يَوْمَ مُحَاصَرَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ طَائِفَةٍ مِنَ الْيَهُودِ فِي أَطْرَافِ الْمَدِينَةِ (لِحَسَّانَ) : بِغَيْرِ الصَّرْفِ عَلَى الْأَصَحِّ (ابْنِ ثَابِتٍ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَنْصَارِيٌّ خَزْرَجِيٌّ، شَاعِرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ، أَجْمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى أَنَّ أَشْعَرَ أَهْلِ الْمَدَرِ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، رَوَى عَنْهُ عُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ وَلَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، عَاشَ مِنْهَا سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّينَ فِي الْإِسْلَامِ. (اهْجُ الْمُشْرِكِينَ) : أَمْرٌ بِالْهَجْوِ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا (فَإِنَّ جِبْرِيلَ) : بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ قِرَاءَاتٍ مُتَوَاتِرَاتٍ ذَكَرْنَاهَا سَابِقًا أَيِ: الرُّوحُ الْأَمِينُ (مَعَكَ) أَيْ: مُعِينٌ لَكَ وَمُلْهِمٌ إِيَّاكَ، وَالْحَدِيثُ إِلَى هُنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
(وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِحَسَّانَ: أَجِبْ عَنِّي) أَيْ: مِنْ قِبَلِي وَعِوَضًا عَنْ جَانِبِي (اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ) أَيْ: قَوِّ حَسَّانَ (بِرُوحِ الْقُدُسِ) : بِضَمِّ الدَّالِ، وَيُسَكَّنُ أَيْ: بِجِبْرِيلَ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِي الْأَنْبِيَاءَ بِمَا فِيهِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ، فَهُوَ كَالْمَبْدَأِ لِحَيَاةِ الْقَلْبِ، كَمَا أَنَّ الرُّوحَ مَبْدَأُ حَيَاةِ الْجَسَدِ، وَالْقُدُسُ صِفَةٌ لِلرُّوحِ، وَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَجْبُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ، وَالنَّزَاهَةِ عَنِ الْعُيُوبِ، وَقِيلَ: الْقُدُسُ بِمَعْنَى الْمُقَدَّسِ، وَهُوَ اللَّهُ، وَإِضَافَةُ الرُّوحِ إِلَيْهِ لِلتَّشْرِيفِ، ثُمَّ تَأْيِيدُهُ إِمْدَادُهُ لَهُ بِالْجَوَابِ، وَإِلْهَامُهُ لِمَا هُوَ الْحَقُّ وَالصَّوَابُ، قِيلَ: لَمَّا دَعَاهُ أَعَانَهُ جِبْرِيلُ تِسْعِينَ بَيْتًا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ حَقَّقَ مَيْرَكُ شَاهْ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ قَالَ: ظَاهِرُ إِيرَادِ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لِحَسَّانَ: أَجِبْ إِلَخْ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُفْهَمُ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ حَدِيثَ الْبَرَاءِ يَنْتَهِي إِلَى قَوْلِهِ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ، وَقَوْلُهُ: وَكَانَ إِلَخْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute