للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٩٢ - وَعَنِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى اغْبَرَّ بَطْنُهُ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَافَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَاإِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ: " أَبَيْنَا أَبَيْنَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٧٩٢ - (وَعَنِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْقُلُ التُّرَابَ) أَيْ: مَعَ الْأَصْحَابِ (يَوْمَ الْخَنْدَقِ) أَيْ: يَوْمَ الْأَحْزَابِ (حَتَّى اغْبَرَّ بَطْنُهُ) أَيْ: صَارَ ذَا غُبَارٍ (يَقُولُ) : اسْتِئْنَافٌ أَوْ بَدَلٌ مِنْ يَنْقُلُ، أَوْ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ (وَاللَّهِ) : قَسَمٌ (لَوْلَا اللَّهُ) أَيْ: لَوْلَا هِدَايَتُهُ أَوْ فَضْلُهُ عَلَيْنَا مَعْشَرُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّ هَدَانَا (مَا اهْتَدَيْنَا) أَيْ: بِنَفْسِنَا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهُوَ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: ٤٣] ، (وَلَا تَصَدَّقْنَا) أَيْ: عَلَى وَجْهِ الْإِخْلَاصِ: (وَلَا صَلَّيْنَا) أَيْ: صَلَاةَ الِاخْتِصَاصِ (فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً) أَيْ: وَقَارًا وَطُمَأْنِينَةً (عَلَيْنَا) : وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: ٢٦] ، " وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ " أَيْ: أَقْدَامَنَا " إِنْ لَاقَيْنَا " أَيْ: إِنْ رَأَيْنَا الْكُفَّارَ وَبَلَغْنَا إِلَيْهِمْ ثَبِّتْنَا عَلَى مُحَارَبَتِهِمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٥٠] ، " إِنَّ الْأُلَى ": مَقْصُورُ أُولَاءِ وَهُوَ لُغَةٌ فِيهِ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَالْأَحْزَابِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا مَعَهُمْ يَوْمَئِذٍ. (قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا) أَيْ: تَكَبَّرُوا وَتَجَبَّرُوا وَتَعَدَّوْا بِالظُّلْمِ عَلَيْنَا وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ كَمَا قَالَ: (إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً) أَيْ: شِرْكًا أَوْ قَتْلًا وَنَهْبًا، أَوْ ضَلَالَنَا وَإِعَادَتَنَا فِي مِلْتِهِمْ (أَبَيْنَا) أَيِ: امْتَنَعْنَا عَنِ الْقَبُولِ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: ٢] ، (يَرْفَعُ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِهَا) أَيْ: بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ أَوْ بِجُمْلَةِ أَبَيْنَا (صَوْتَهُ) : قَائِلًا (أَبَيْنَا أَبَيْنَا) أَيْ: مُكَرِّرًا لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّلَذُّذِ وَالتَّسْمِيعِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمِيرُ فِي بِهَا رَاجِعٌ إِلَى الْأَبْيَاتِ وَأَبَيْنَا أَبَيْنَا حَالٌ، أَيْ: خُصُوصًا أَبَيْنَا أَبَيْنَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي بِهَا مُبْهَمًا مُفَسَّرًا بِقَوْلِهِ أَبَيْنَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [الكهف: ٥] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>