للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ: كَنَضْحِ النَّبْلِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ كَأَنَّ زَيْدًا الْأَسَدُ إِنَّ زِيدًا كَالْأَسَدِ، فَقُدِّمَ حَرْفُ التَّشْبِيهِ اهْتِمَامًا بِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْفَصْلِ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصْلِ أَنَّكَ هَاهُنَا بَانَ كَلَامُكَ عَلَى التَّشْبِيهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، وَثَمَّ بَعْدَ مُضِيِّ صَدْرِهِ عَلَى الْإِثْبَاتِ. وَقَالَ الْقَاضِي: نَضْحُ النَّبْلِ رَمْيُهُ مُسْتَعَارٌ مِنْ نَضْحِ الْمَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ هِجَاءَهُمْ يُؤَثِّرُ فِيهِمْ تَأْثِيرَ النَّبْلِ، وَقَامَ قِيَامَ الرَّمْيِ فِي النِّكَايَةِ بِهِمْ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: خُلَاصَةُ جَوَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَمُّ الشِّعْرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي شَأْنِ الْهَائِمِينَ فِي أَوْدِيَةِ الضَّلَالِ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ إِحْدَى عُدَّتَيْهِ فِي ذَبِّ الْكُفَّارِ مِنَ اللِّسَانِ وَالسِّنَانِ، بَلْ هُوَ أَعْدَى وَأَبْلَى، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ» " وَإِلَيْهِ يُنْظَرُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: جِرَاحَاتُ السِّنَانِ لَهَا الْتِئَامُ وَلَا يَلْتَامُ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ

(رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) : قَالَ مِيرَكُ: بِإِسْنَادِ الصَّحِيحَيْنِ: إِلَّا أَحْمَدَ بْنَ مَنْصُورٍ، فَإِنَّهُ عَالِمٌ ثَبْتٌ.

(وَفِي الِاسْتِيعَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، «أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَاذَا تَرَى فِي الشِّعْرِ؟ فَقَالَ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ» ) : قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا " «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>